دراسة حالة مدرستين: "أزهار" و"أمل".. أسس ومقومات التدريس الفعال والاستراتيجيات المستعملة في العمل الجماعي

دراسة حالة مدرستين: "أزهار" و"أمل":
1- مدرسـة "أزهـار":
أصدر المعلم لتلامذته في مدرسة أزهار التوجيه التالي: "سنقوم بتشكيل دُوَّارنا من العجين، وهاهي القائمة قد أعددتها؛ هناك المسجد في القرية، والسوق، والمدرسة، والحانوت، والحمام، والحيوانات... أنت ستقوم بتشكيل الحيوانات، وأنت المسجد، وأنت السوق... وعند الساعة العاشرة سينتهي كل شيء".

وسرعان ما انكب الأطفال على العمل دون تواصل بينهم، وفي لحظة ما سيخرج المعلم، وسيشرع الأطفال في التشويش، فأخذ الأولاد في توجيه ملاحظات للبنات، ورفضوا العمل معهن، وأخذوا ينزعون منهن قطعا من العجين: وهكذا توقف الإنتاج.

يدخل المعلم، ويرى الفوضى السائدة وأخذ يصرخ.
أما التلاميذ والتلميذات فإنهم شرعوا في الكذب والوشاية.

يعيد المعلم استئناف العمل مهددا، أما الأطفال فإنهم أخذوا في الاشتغال مرددين "سيدي، لقد فعل كذا"، "لقد نسي كذا، سيدي"…إلخ

2- مدرسـة "أمـل":
يقوم المعلم بمدرسة أمل بنفس النشاط بناء على التوجيه التالي: "سنقوم بتشكيل دوارنا"، دون إضافة أية معلومة أخرى.

لقد أبطأ الأطفال في البدء بالإنتاج. وعندما يغادر المعلم حجرة الدرس، لا يحدث أي فرق حيث يتباطأ الأطفال ويتعاركون، ويقوم البعض منهم بمناوشة الفتيات وينزعون منهن قطع العجين رافضين مشاركتهن اللعب، وبحلول الساعة الثانية عشرة، سيتعب الأطفال دون تحقيق أي تقدم في العمل لأنهم أمضوا الوقت في المشاحنات.

مجموعة العمل: مشاركة كاملة لكل التلاميذ والتلميذات:
 يقوم التدريس الفعال على أسس ومقومات تتعلق بطريقة اشتغال كل من المدرس(ة) والتلاميذ والتلميذات، وبالاستراتيجيات المستعملة خصوصا في العمل الجماعي الذي يغني الأفراد ويغتني بهم، وهذا تذكير بخصائص التعليم القائم على مشاركة كل التلاميذ والتلميذات:

-  مجموعة عمل صغيرة وهذا ييسر التحام المجموعة وارتباط أعضائها بعضهم ببعض، كما يقوي مشاعر إيجابية تساعد على تحقيق النتائج المدرسية.

- عدم تعريض المجموعة لمقارنات على المستوى الاجتماعي أو على مستوى الأداء (ضعيف، قوي) وكذا للتنافس، بل العمل إلى إرساء جو يتسم بالحرارة.

- اعتماد طرائق عدة، واستبعاد اللغة الجنسوية، واتخاذ موقف الحياد، مع فرض المتطلبات ذاتها على الجنسين معا.

- خلق جو يتيح بيسر "استيعاب المعرفة حسب الميول" أي تقبل منظورات وتجارب كل فرد من المجموعة.
ينبغي أن تؤكد الدروس على التعاون وأن تسمح بخلق فضاء للنقاش المفتوح على تعدد الآراء.

- "التعلم المتضامن" كاستراتيجية تقوم على هاجس المساواة، وهو يتعارض مع روح التنافس المدرسي وعواقبه الوخيمة.
إنه يعمل على إنعاش روح التعاون وذلك بفضل مضاعفة التبادل بكل أشكاله كما يعمل على تنويع العلاقات.

- كما يمُكِّن هذا النوع من التعلم من تحقيق نتائج إيجابية جدا: زيادة الصداقات بين الفتيان والفتيات، وإعادة انطلاق المستوى الدراسي، وتقوية حس التضامن بين التلاميذ والتلميذات واندماج التلاميذ والتلميذات غير المحظوظين.

- تقويم التقدم الذي يحققه الفصل على المستوى الجماعي والشخصي، وتنمية الشعور بالتفوق الاجتماعي.

ملاحظــة:
يجب التنبيه إلى أن المدرس (ة) إذا لم يكن فطنا، فإن عمل المجموعة يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية، فالأولاد يحصلون على مساعدة البنات عندما يطلبون منهن ذلك، في حين أنهم يتجاهلون طلباتهن، ويمكنهم على هذا النحو ممارسة الهيمنة بتوجههم للبنات بإرادة مغرضة.

وهكذا تصبح البنية الجماعية وسيلة يتخذها الأولاد لتكريس سلطتهم على البنات، واكتساب الثقة في الذات، في حين أن البنات سيلعبن دور "التابعات" وهذا من شأنه أن يثبط عزمهن على الاشتغال لاحقا في مجموعات مختلطة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال