الرمال الحارة تلفظ الشمس من بين ذراتها، وتطلق ناراً تحيط بالناس من كل مكان...
نارٌ تقذف من أمام ومن وراء الظهور سماءٌ تصب نارها على الرؤوس وتُطلع من تحت الأقدام نار الخدر يسيطر على الأطراف، والشفاه تتيبس عطشاً، والسماء تتسع ، وتدور.. نبضات القلب تتسابق، وتضرب الصدر بعنف
ما أقسي هذا المناخ لعمري إنه جو لا يطاق ولا يمكن التحمل أكثر لأن الصيف في بعض البلدان العربية يتميز بظروفه المناخية القاسية... حيث الحرارة الشديدة التي يبلغ ارتفاعها أقصى درجاته ... ونفحات نارية تلفح الوجوه ونسبة رطوبة عالية تخنق النفوس فتتحول الحياة معها إلى جحيم لا يطاق .. فيصبح الهرب والخلاص من قبضة هذه الأجواء القاتلة الهاجس الوحيد الذي يطارد الجميع والبحث عن مكان للاصطياف حيث توجد الأجواء الباردة والأنسام العليلة ولو كان في آخر الدنيا الحلم الذي يراود الجميع وهذا ما يجعل فصل الصيف مميزاً بحالة استنفار وما يشبه إعلان حالة الطوارئ لدى كل الأسر وكأني بهم يقولون الفرار أو الردى فيكون التسابق على مقر الجوازات وخلق الزحمة في ساحته لاستخراج تصاريح السفر والتزاحم على محطات القطار والباصات وحزم الأمتعة المنظر السائد وبعدها تنطلق قوافل الراحلين ميممة صوب وجهات مختلفة بعضها إلى الشواطئ وآخرون تكون وجهتهم الجبال إما عن طريق الطائرة ومجموعة أخرى تتجه إلى البلدان القريبة وبين هذا وذلك هنا ك من يتوجه إلى المدن والقرى التي تتميز بمناخات معتدلة ..
لكن بدأ يسجل عزوف ملفت عن السفر لا إلى الخارج أو حتي الداخل المماثل من حيث المناخ علي الأقل . على أية حال لم يعد هناك وقت للانغماس بفكرة البحث عن المهرب من هذا الجو المكفهر بقدر ضرورة التفكير بتامين متطلبات الحياة اليومية. بعد أن أصبح المال نادر الوجود كندرة اللحم في عش النسر. بسبب موجة الغلاء الجنونية المستعرة.
حتى أصبحت حياة السواد الأعظم من المجتمع خالية من كثير من الاهتمامات وسارت الرغبة في الاصطياف ترفا لا يصح الحلم به وهم يرزحون تحت الدَّين. من أجل توفير القوت الضروري كل هذا من وراء الغلاء الفاحش الذي حول من كانوا متوسطي الحال إلي فقراء ومحدودي الدخل إلي معسرين وكم من أسر اختصرت عدد الوجبات.
وبذلك أصبح الشغل الشاغل لهم جميعاً البحث عن متنفس يهربون إليه من جو كهربته الحرارة التي تمارس كل أساليب الاضطهاد على محدودي الدخل الذين لم يجدوا غير شواطئ البحر التي يهرعون إليها كلما سنحت لهم الفرصة وإن كانت الحياة وضغوطاتها وما تحفل بها من تفاصيل لا يجود بكثير من الفرص للتنفس من الركض المستمر الذي لا يحتمل التوقف ورغبة تلد رغبة وظمأ شديد لا يرتوي فيكون يوم نهاية الأسبوع الفرصة الوحيدة ... ومع إشراقه شمس هذا اليوم تجد الناس يتقاطرون فرادى ومجموعات صغاراً وكباراً على شواطئ البحر وكأنهم على موعد مسبق مع هذا المكان فيهنأ بهم شاطئ البحر المزبد.
التسميات
قصة