الاقتطاع من رواتب المضربين عن العمل.. إضراب الموظفين هو امتناعهم عن تأدية أعمال وظائفهم بصفة مؤقتة

صدر عن المحكمة الإدارية بالرباط حكما قضائيا بتاريخ 07/02/2006 تحت عدد 192 برفض طلب أستاذ للتعليم الثانوي الإعدادي يرمي إلى إلغاء قرار مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بتطوان بشأن الاقتطاع من الأجر بسبب التغيب عن العمل يوم 13 أكتوبر 2004 ، وقد اعتمدت المحكمة في إصدار الحكم المذكور على ما يلي:
حيث إن إضراب الموظفين هو امتناعهم عن تأدية أعمال وظائفهم بصفة مؤقتة، تعبيرا عن عدم الرضى عن أمر معين ، وهو من الحقوق المكفولة بمقتضى الدستور الذي نص في فصله 14 على "أن حق الإضراب مضمون وسيبين قانون تنظيمي الشروط والإجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا الحق".
وحيث إنه أمام عدم إصدار الجهات المختصة للنص التنظيمي المشار إليه ، فإن القاضي الإداري بما له من دور في خلق قواعد قانونية عندما يخلو المجال من التشريع ، يكون ملزما بوضع ضوابط ومعايير من شأنها أن تضمن لهذا الحق البقاء والحماية من جهة ، ومن جهة أخرى عدم التعسف في استعماله لحسن سير المرفق العام بانتظام ، وهذا المبدأ تم تأصيله من طرف مجلس الدولة الفرنسي عندما أعطى الاختصاص للقاضي الإداري في خلق الموازنة بين مبدأ استمرارية المرفق العام والحق في ممارسة الحرية .
وحيث إن حق الإضراب كحق أصيل لا يقتضي طلبا من قبل صاحب الشأن ، ولا يلزم لنشوئه صدور قرار من الإدارة بالترخيص ، كما هو الشأن بالنسبة لبعض الحقوق السياسية الأخرى ، إلا أنه لاعتبارات النظام العام وحسن سير المرفق فإن ممارسته تستوجب التقيد بنظام الإخطار La déclaration  أي أن على الجهة الراغبة في خوض إضراب ما لأسباب مهنية أن تخطر الإدارة بذلك حتى تتمكن هذه الأخيرة من اتخاذ الاحتياطات اللازمة وأن يتم الإعلان المسبق عن الإضراب لتوضيح أسبابه ومدته ويتم تبليغه للجهات المعنية داخل أجل كافي ومعقول .
وحيث يؤخذ من تصريحات الأطراف بجلسة البحث أن الإضراب موضوع الاقتطاع خاضته فئة أساتذة التعليم الإعدادي ، الذين لم يسبق لهم أن كانوا معلمين وعددهم 22866 أستاذا وأستاذة بعد فشل النقابات الخمس ذات التمثيلية في الوصول إلى اتفاق بخصوص الملف المطلبي لهذه الفئة وقد تم إخبار وزير الداخلية ووزير التربية الوطنية وكذا ولاية الرباط بخوض هذه الفئة لإضراب يوم 13 أكتوبر.
وحيث أنه إذا كانت ممارسة حق الإضراب رهينة بضرورة إخطار الإدارة المعنية لترتيب أوضاعها الإدارية والقانونية وعدم عرقلة سير المرفق ، فإنه لم يقم دليل من أوراق الملف على ثبوت إخطار السلطات الإدارية المذكورة وبالتالي فإن إضراب فئة عريضة من الأساتذة (22866 أستاذ) مرة واحدة دون إخطار الجهات الإدارية المعنية ، بشكل أدى إلى توقف العمل بمرفق هام ألا وهو مرفق التعليم ، وماله من انعكاسات سلبية على المجتمع لمن شأنه المساس بشكل كبير بهذا المرفق ويجعل بالتالي الغياب عن العمل لأجل ممارسة الإضراب خارج الضوابط المشار إليها غير مبرر وبذلك يكون تفعيل الإدارة لمقتضيات مرسوم 10 ماي 2000 قد تم في إطار المشروعية .
كما أن تمسك الطاعن بكون مشروع القانون التنظيمي ينص على عدم جواز معاقبة الموظف على مشاركته في الإضراب يبقى غير ذي محل طالما أن مقتضيات المادة الأولى من المشروع لا تخاطب فئة الموظفين بل تهم فقط الأشخاص الذاتيين والمعنويين الخاضعين لأحكام قانون الشغل فضلا على أن عدم جواز المعاقبة الذي أقرته المادة 4 منه إنما يتعلق بالإضراب المشروع وهو ما لا ينطبق على نازلة الحال وفق ما تقدم أعلاه .
وحيث يتعين أمام هذه المعطيات التصريح برفض الطلب لعدم جديته .
وكانت المحكمة الإدارية بالرباط مكونة من الأستاذ مصطفى سيمو رئيسا ، والأستاذة لطيفة خمير مقررا ، والأستاذ عبد المجيد الشفيق عضوا، والأستاذ عبد الله بونيت مفوضا ملكيا ، والسيد عبد الحكيم الأحرش كاتبا للضبط .
أحدث أقدم

نموذج الاتصال