إحساس غريب ينتابني بين فترة وأخرى وتحديداً عند الشعور بالعجز عن القيام بالواجب .. تغمرني رغبة شديدة إلى اختراق صفحات الزمن للهروب إلى الماضي .. إلى أيام الطفولة .. أيام البراءة والصفاء .. أيام خلت من الشعور بالذنب وتذوق مرارة العجز .. لم أكن أدرك أن الإنسان يكبر بمشاكله ومسؤولياته تجاه نفسه وأفراد أسرته بل وأمته أيضاً .. الشعور بالعجز يدفع الإنسان إلى الحنين إلى الطفولة وأيامها الجميلة التي سقطت أوراقها مع خريف الحياة .. أيام كنا نتسابق فيها إلى الكبار لسماع القصص الخيالية التي تحوي في طياتها كثيراً من عناصر الإثارة والتشويق والحكم والتوجيه والوقائع التي قد تواجه الإنسان في حياته .. اقتربت الساعة من العاشرة مساءاَ حين بدأت أقلب صفحات حكايات الطفولة في ذاكرتي .. فاستوقفتني قصة المؤامرة على السلحفاة .. وتجسد أمامي وجه تلك السيدة الوقورة التي تعودنا على سماع قصصها وهي تقول كان يا ما كان في قديم الزمان في سالف العصر والأوان .. كانت السلحفاة في قديم الزمان دون هذه القوقعة التي تحملها على ظهرها والتي تشبه الحجر في قوته .. وذات ليلة اتفقت الحيوانات المفترسة على التهام هذه السلحفاة بلحمها وجلدها الطري بطلوع نور شمس الصباح من اليوم الثاني .. وكانت السلحفاة تعيش في عالمها الخاص دون ما يحاك لها في ظلمة الليل .. وفي الصباح بكر طائر إلى السلحفاة وأنبأها بالخبر اليقين وباقتراب نهايتها باتفاق جميع قادة الغابة يقودهم الأسد .. فردت عليه السلحفاة رد المؤمنة الواثقة من نفسها وقالت :فليتفقوا كما يشاؤون فمعي ربي سيحميني ثم مضت في حال سبيلها ,ما إن أجمعت الحيوانات على أكلها حتى وجودوها كالحجر الصلب تحمل بيتا صخريا على ظهرها ما إن شعرت بالتهديد احتمت فيه.
إنها قصة تبدو سخيفة للكثيرين ولكنها قريبة من الحقيقة وتحمل حكمة ورسالة وهل ستتحول المقاومة الفلسطينية إلى سلحفاة؟
التسميات
من الحياة