أنواع نكاح المسيار.. الزواج المحرم اتفاق شفوي بين المرأة والرجل، زواج بولي وشاهدي عدل

نكاح المسيار ويسميه البعض الزواج المحرم. وأحكامه وأنواعه هي:

الأول:
أن يتم اتفاق شفوي بين المرأة والرجل دون عقد ولا ولي ولا شهود فهذا زنا صريح وهو محرم  لعدم وجود الولي والشهود لمخالفة  حديث لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وأقوال الصحابة وأهل العلم ولعدم وجود ركن النكاح وهو الإيجاب والقبول  مجرد ورقة تُكتب بينهما دون وجود إيجاب وقبول، مجرد اتفاق  فهذا محرم لا مرية فيه، و جاءني من تزوج بهذه الصورة ويسألني عن صحة الزواج فأخبرته بأنه زنا وليس بزواج وهذا منتشر بكثرة بين الناس

الثاني:
أن يتم الزواج بولي وشاهدي عدل ويكون مقصود الزوج أن يمكث معها أيام دون مبيت أو نفقة مع اعتقاد المرأة أن إٍسقاط النفقة والمبيت واجب عليها وليسا من حقها فهذا محرم ولا يجوز لأنه يقوم على الغرر والخداع ولنهي النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن الغرر ولأنه مؤقت فيكون متعة  ومعلوم  حرمة نكاح المتعة ولوجوب النفقة والمبيت على الزوج  ومخالف لقوله تعالى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} سورة البقرة.
وذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْعَدْلُ بَيْنَ زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ فِي حُقُوقِهِنَّ مِنْ الْقَسْمِ وَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالسُّكْنَى، وَهُوَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي ذَلِكَ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةٌ} سورة النساء عَقِيبَ قَوْله تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}، نَدَبَ اللَّهُ تَعَالَى إلَى نِكَاحِ الْوَاحِدَةِ عِنْدَ خَوْفِ تَرْكِ الْعَدْلِ فِي الزِّيَادَةِ، وَإِنَّمَا يُخَافُ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَدْلَ بَيْنَهُنَّ فِي الْقَسْمِ وَالنَّفَقَةِ وَاجِبٌ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي آخِرِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}، أَيْ تَجُورُوا، وَالْجَوْرُ حَرَامٌ فَكَانَ الْعَدْلُ وَاجِبًا ضَرُورَةً؛ وَلِأَنَّ الْعَدْلَ مَأْمُورٌ بِهِ.
قال ابن قدامة قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَإِذَا تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ مِثْلُهَا يُوطَأُ، فَلَمْ تَمْنَعْهُ نَفْسَهَا، وَلَا مَنَعَهُ أَوْلِيَاؤُهَا، لَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ).
وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا بِشَرْطَيْنِ:
- أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً يُمْكِنُ وَطْؤُهَا، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا.
وَبِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ لَوْ قِيلَ: لَهَا النَّفَقَةُ. كَانَ مَذْهَبًا. وَهَذَا قَوْل الثَّوْرِيِّ؛ لِأَنَّ تَعَذُّرَ الْوَطْءِ لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهَا، فَلَمْ يَمْنَعْ وُجُوبَ النَّفَقَةِ لَهَا، كَالْمَرَضِ .
وَلَنَا، أَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ بِالتَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ مَعَ تَعَذُّرِ الِاسْتِمْتَاعِ، فَلَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا، كَمَا لَوْ مَنَعَهُ أَوْلِيَاؤُهَا مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا، وَبِهَذَا يَبْطُلُ مَا ذَكَرُوهُ، وَيُفَارِقُ الْمَرِيضَةَ، فَإِنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا مُمْكِنٌ، وَإِنَّمَا نَقَصَ بِالْمَرَضِ، وَلِأَنَّ مَنْ لَا تُمَكِّنُ الزَّوْجَ مِنْ نَفْسِهَا، لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ نَفَقَتُهَا، فَهَذِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ تِلْكَ يُمْكِنُ الزَّوْجُ قَهْرَهَا وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهَا كُرْهًا، وَهَذِهِ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِيهَا بِحَالٍ.
- الشَّرْطُ الثَّانِي، أَنْ تَبْذُلَ التَّمْكِينَ التَّامَّ مِنْ نَفْسِهَا لِزَوْجِهَا، فَأَمَّا إنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا أَوْ مَنَعَهَا أَوْلِيَاؤُهَا، أَوْ تَسَاكَتَا بَعْدَ الْعَقْدِ، فَلَمْ تَبْذُلْ وَلَمْ يَطْلُبْ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَإِنْ أَقَامَا زَمَنًا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ عَائِشَةَ وَدَخَلَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ سَنَتَيْنِ، وَلَمْ يُنْفِقْ إلَّا بَعْدَ دُخُولِهِ، وَلَمْ يَلْتَزِمْ نَفَقَتَهَا لِمَا مَضَى.
وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ الْمُسْتَحَقِّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، فَإِذَا وُجِدَ اسْتَحَقَّتْ، وَإِذَا فُقِدَ لَمْ تَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَلَوْ بَذَلَتْ تَسْلِيمًا غَيْرَ تَامٍّ، بِأَنْ تَقُولَ: أُسَلِّمُ إلَيْك نَفْسِي فِي مَنْزِلِي دُونَ غَيْرِهِ، أَوْ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ دُونَ غَيْرِهِ، لَمْ تَسْتَحِقَّ شَيْئًا، إلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ اشْتَرَطَتْ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْذُلْ التَّسْلِيمَ الْوَاجِبَ بِالْعَقْدِ، فَلَمْ تَسْتَحِقَّ النَّفَقَةَ، كَمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ: أُسَلِّمُ إلَيْك السِّلْعَةَ عَلَى أَنْ تَتْرُكَهَا فِي مَوْضِعِهَا، أَوْ فِي مَكَان بِعَيْنِهِ. وَإِنْ شَرَطَتْ دَارَهَا أَوْ بَلَدَهَا، فَسَلَّمَتْ نَفْسَهَا فِي ذَلِكَ، اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ؛ لِأَنَّهَا سَلَّمَتْ التَّسْلِيمَ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا؛ وَلِذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ لَيْلًا دُونَ النَّهَارِ، اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ، وَفَارَقَ الْحُرَّةَ، فَإِنَّهَا لَوْ بَذَلَتْ تَسْلِيمَ نَفْسِهَا فِي بَعْضِ الزَّمَانِ، لَمْ تَسْتَحِقَّ شَيْئًا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُسَلِّمْ التَّسْلِيمَ الْوَاجِبَ بِالْعَقْدِ.
قال ابن رشد في بداية المجتهد ونهاية المقتصد اتفقوا على أن من حقوق الزوجة على الزوج النفقة والكسوة لقوله تعالى ‏(وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) سورة البقرة.
و لحديث معاوية القشيري قال‏:‏ ‏(‏أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه واله وسلم قال‏:‏ فقلت ما تقول في نسائنا قال‏:‏ أطعموهن مما تأكلون واكسوهن مما تكتسون ولا تضربوهن ولا تقبحوهن‏)‏‏ رواه أبو داود‏.
ولما ثبت من قوله عليه الصلاة والسلام ‏"‏ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف‏"‏ ولقوله لهند ‏"‏خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف، متفق عليه".
وهذا للأسف منتشر بكثرة بين الناس وتظن المرأة أن ضياع حقها واجب عليها لكي تتمكن من النكاح  فتبقى حائرة ضائعة لا تجد  نفقةً ولا مسكنا ومعلوم أن الغير قادر على النفقة يطلق لما ورد  عن أبي هريرة‏:‏ ‏(‏عن النبي صلى اللّه عليه واله وسلم قال‏:‏ خير الصدقة ما كان منها عن ظهر غِنىً واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول فقيل‏:‏ من أعول يا رسول اللّه قال‏:‏ امرأتك ممن تعول تقول أطعمني وإلا فارقني‏.‏ جاريتك تقول أطعمني واستعملني‏.‏ ولدك يقول إلى من تتركني‏)‏‏ رواه احمد والدار قطني بإسناد صحيح وأخرجه الشيخان في الصحيحين واحمد من طريق آخر وجعلوا الزيادة المفسرة فيه من قول أبي هريرة،  وعنه ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه واله وسلم في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال‏:‏ يفرق بينهما‏)‏‏ رواه الدار قطني‏.‏

الثالث:
أن يتم الزواج بولي وشاهدي عدل مع علم الزوجة بأن من حقها عدم إسقاط المبيت والنفقة أو أحدهما ويكون مقصود الزوج الاستقرار وبناء أسرة فهذا زواج صحيح وهو الذي أفتى المجمع الفقهي بجوازه وأفتى علماؤنا بجوازه وأعرف من تزوج بهذه الصورة وفتح بيتا وأسس أسرة وأنجب أولادا وفيه مصلحة خصوصا للمطلقات والأرامل اللاتي لا يجدن من يكفلهن وينفق عليهن لفقر أهلهن.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال