إرشادات لطلاب في مدارس الحياة .. لا داعي للكسل والاسترخاء في وقت العمل واكتساب المعرفة

دروس الحياة لا تنتهي، وعجائبها لا تنقضي، وقد قيل قديماً. من يعش طويلاً يرى أموراً كثيرة، ومن لم تعلمه الكتب علمته الحياة إلى  لا ينضب الكثير من التجارب والعبر فيها ، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من همان لا يشبعان، طالب علم وطالب مال.
ومهما اختلفت أهدافنا وتباينت أغراضنا، وتنوعت مطالبنا على ظهر هذه الفانية فإننا بدون شك طلاب في مدارس الحياة المختلفة في نهاية المطاف..
بيد أنني لا أرغب الخوض في متاهات يصعب علينا الخروج منها سالمين، لذا أعود إلى لب الموضوع وجوهر الحديث من جديد لأهمس في أذن كل طالب علم ببعض التوجيهات والإرشادات التي لا يستغني عنها بأن حال من الأحوال، خاصة بعد أن طلب مني بعض الأخوة أن أتفضل عليهم بتقديم بعض النصائح التي قد لا تزال محظورة في ذاكرتي المتواضعة.
لا أتصور أبداً أن بإمكان المرء تحقيق هدف أو إنجاز عمل من الأعمال بالصورة المطلوبة ما لم تكن لديه رغبة حقيقة للقيام بتنفيذ هذا المشروع أو ذاك، وإلا ذهبت جهوده مع أدراج الرياح.. لهذا فإن على الطالب أن تتوفر لديه رغبة جامحة لتلقي العلم، والبحث عنه في كل مكان مهما كلف ذلك من ثمن.. وتجسيد هذه الرغبة والعزيمة على أرض الواقع، فمن طلب العلا سهر الليالي..
فقد وجدت في هذا الزمان من يحملون الكتب الثقيلة، ويأتون إلى المراكز العلمية دون أن تكون لديهم رغبة حقيقية للتعلم، ولا فرق عندئذ في نظري المتواضع بينهم وبين من فضل البقاء داخل سور الجهل أو سجن الأمية لسبب ما...
وعندما تتوفر هذه الصفة لدى الدارس فإن عليه أن يحافظ على الاستمرارية والمضي قدماً في هذا الدرب، ذلك لأنني لاحظت في غضون تجربتي القصيرة في هذا المجال أن طلبة العلم يفتقرون إلى هذه الميزة غالباً، بحيث أننا نجد الطالب مفعماً بالحيوية والنشاط، وبالجد والاجتهاد في بداية العام الدراسي وكأنه قد عقد العزم على تصحيح أخطاء العام الماضي وتعويض الخسائر السابقة، ولكن سرعان ما تنطفئ هذه الشعلة، وتخمد هذه الحيوية قبل أن تمضي أسابيع معدودة ليحل محلها خمول شبه دائم يظل معه حتى نهاية العام.. ويفيق من غفلته في وقت لا ينفع فيه جد ولا اجتهاد .. فمتى يتعلم أبناؤنا المداومة على المثابرة وتحصيل العلم النافع والمفيد؟ّ! لأن العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك كما قال الحكماء....
التخطيط المبكر: يعتبر التخطيط من المسائل الهامة عند القيام بأي مشروع من المشاريع أو عمل من الأعمال، إذ من المؤكد أن كافة مساعينا ستبوء بالفشل الذريع ما لم نخطط لكل شيء في الوقت المناسب.. ويبدو لي أن طالب العلم في حاجة ماسة إلى التخطيط وترتيب الأولويات... ولأننا لم نتعود على التخطيط منذ الصغر تجد غالبية أهدافنا لا تتحقق، مما يجعل طموحاتنا تتحول إلى "أثر بعد حين" فعليك أخي الطالب أن تخطط للمراجعة والمذاكرة قبل فوات الأوان.. ولا تجعل ساعات الفراغ وقتاً للهرج والمرج حتى لا تموت حسرة وندامة يوم يكرم فيه الناجحون ويهان فيه الراسبون.. يوم يحصد كل امرئ بما زرعت يداه خيراً كان أو شراً.. فلا داعي إذاً للكسل والاسترخاء في وقت العمل واكتساب المعرفة، وليكن شعارك دائماً قول أبو القاسم ألشابي:
ألا أنهض وسر في سير الحياة
فمن نام لم تنتظره الحياة
ويسبق ذلك كله التوكل على الله والاعتماد عليه والثقة رحب.. هذا يما أسعفتني به ذاكرة الأيام.. وللحديث بقية ما بقينا على قيد الحياة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال