تقنيات تحليل موضوع تربوي (إنشائي) وتحديد البنية المفهومية لنص الموضوع

عمليـة الـقراءة والفهـم:
قراءة نص الموضوع وفهمه: 

1 - القراءة: 
- معناها:
فك الرمـوز أو العـلامات المكـتوبة وربطـها  بدلالتـها الموضوعة لها.

- كيفيتها:
قـراءة مـتأنـية  فاحصة، وصامـتة إذا كان المكـان الذي سـتكتب فيهيتطلب الصمت.

2- الفهم:
- معناه:
قدرة الـقارئ على استيعاب المضمون والتعبير عن نفس الأفـكار والمعاني التي يتضمنها النص المقروء بلغته الخاصة.

- تحديد البنية المفهومية لنص الموضوع:
يمكن اعتبار نص الموضوع كأي نص آخر يتميز من جهة بطابع الانغلاق (الاستعصاء على الفهم) ومن جهة أخرى يحمل طيه مجموعة من المصطلحات والمفاهيم التي يشكل تحديدها مفتاحا له.

وبعبارة أخرى كل نص هو تقاطع بين عنصرين: منطوق النص ومفهومه، فمفهوم النص لا يمكن الوصول إليه إلا بتحديد بنيته المفاهيمية التي يتضمنها منطوقه.

- ربط البنية المفهومية بسياقها العام:
نعني بالسياق العام جملة الشروط المعرفية والتاريخية والاجتماعية المتحكمة في إنتاج وصياغة المفاهيم وتداولها.

وفي غياب ضبط العلاقة بين البنية المفهومية لنص الانطلاق وبين سياقها العام، تصبـح  الكتابة لاغية - لا مصداقية لها - لأنها لم تلتزم بالحدود التي يرسمها هذا السياق المحدد للشروط التاريخية والاجتماعية والمعرفية والتداولية التي أفرزت تلك المفاهيم.

- تحديد معطيات الموضوع:
يتم فهم "بماذا يتعلق الأمر"؟ أو ما المطلوب من نص الموضوع؟ عبر اعتماد شبكة من الأسئلة المساعدة على استجلاء معطيات هذا النص: من؟ ما الذي؟ مـتى؟ أين؟ كيف؟ لماذا؟ بماذا؟ ما الذي حدث؟ ما ذا يجب عمله؟  

- إدراك إشكالية نص الموضوع:
كل نص، كيفما كان نوعه، يتضمن إشكالية خاصة صريحة أو ضمنية.
وإدراك إشكالية نص الموضوع معناه استخراج بنيتها الاستفهامية من جهة، وربطها بالإشكالية العامة التي ينخرط فيها هذا النص.

فقد يطرح نص الموضوع إشكالية التلوث، إلا أن هذه الإشكالية الخاصة يمكن ربطها بإشكالية عامة هي علاقة النشاط الإنساني عموما بالبيئة، سواء على المستوى المحلي أو المستوى العالمي.

عملية التحليل:
1- تحديد الفكرة الموجهة:
كل تعبير أدبي أو كتابة أدبية أو إنشائية هي بلورة وتعميق وتوسيع لفكرة وحيدة تعكس المنظور الشخصي لكاتب النص الإنشائي وتوجه تأويله واختيار أفكاره وهو يعالج نص الموضوع.

وهذه الفكرة الوحيدة الموجهة لعمل الكاتب يمكن الكشف عنها بطرح السؤال:
لأي غرض وبأي نية أو قصد سأكتب هذا الموضوع؟
أو ما هو المطلوب مني وأنا أكتب هذا الموضوع؟
أو ما ذا يمكنني قوله في هذا الموضوع؟

2- تحديد الأفكار الرئيسية:
من أجل تبليغ أدق للفكرة الموجهة يعمد كاتب النص الإنشائي إلى بلورتها وتعميقها من خلال مجموعة من الأفكار الجديدة التي يتم استخلاصها من معطيات الموضوع (السابقة الذكر): هذه الأفكار الجديدة التي تعمق الفكرة الموجهة مع تطابقها ومعطيات الموضوع، نسميها الأفكار الرئيسية. 

3- طريقة العرض:
- ونعني بها الكيفية التي تنتظم بها الأفكار الرئيسية التي اختارها الكاتب كتعبير ممنهج ومنظم عن الفكرة الموجهة حتى تجد هذه الأخيرة طريقها إلى الأفهام.

- عندما يكون العرض مبنيا على الترتيب الزمـني كما هو الشأن بالنسبة للسرد التاريخي، نقول إن طريقة العرض ذات طبيعة زمانية أو ذات بعد تسلسل زماني. 

- عندما يكون العرض محكوما بالاتجاه الذي يأخذه حل عقدة الصراع بين شخصيات النص، حسب الفكرة الموجهة، نقول إن طريقة  العرض ذات طبيعة درامية أو مأساوية.

- عندما يكون العرض مبنيا على إيراد الأفكار والأطروحات ونقائضها نقول إن العرض ذو طبيعة جدلية، كأن نأتي بفكرة أو أطروحة مناقضة لفكرتنا أو أطروحتنا ونعمل على دحضها إثباتا لفكرتنا أو أطروحتنا.

- يمكن لعناصر الموضوع أو معطياته أن تقدم دون اعتبار لما ذكر من أنماط العروض السابقة، وفي هذه الحالة نلجأ إلى العرض المنطقي.

- عندما يكون العرض مبنيا على تجزيء القضية إلى قضايا صغرى يتولد اللاحق منها عن السابق، والربط بينها ربطا يعتمد نظاما تفسيريا تصاعديا يتوخى الوضوح والإفادة عبر التسلسل المنطقي لحظة الانتقال من المقدمات إلى النتائج، نقول: إن العرض ذو طبيعة منطقية.

4- شكل التقديم:
- إن تصميم منتوج أدبي مكتوب ما يترجم أمام أعين وذهن القارئ بواسطة مجموعة من التقسيمات التي تطبع توالي وتتالي الأفكار الرئيسية بطابع التمييز والتنظيم أثناء تعميق الفكرة الموجهة والتوسع فيها.

- إن تقسيمات النص هي شكل التقديم الذي اعتمده الكاتب في عرضه لفكرته الموجهة.
- هذه التقسيمات التي تبرز الأفكار الرئيسية كمتواليات متميزة ومنظمة هي ما نسميه شكل التقديم.

- أول تقسيم للنص هو المقدمة، وهي فقرة تتصدر المنتوج الأدبي، يبين فيها المؤلف أو الكاتب معطيات الموضوع، ويهيئ ذهن المتلقي إلى التصور الذي سيعالج من خلاله الفكرة الموجهة.

- قد لا تكون المقدمة فقرة قائمة بذاتها بقدر ما تكون جملا تتصدر فقرة من فقرات العرض.
- العرض ينقسم بدوره إلى مجموعة من الفقرات ، كل فقرة منه تعالج فكرة من الأفكار الرئيسية.

- الفقرات (فقرات العرض) تتسلسل وفق نظام من الوضوح والإفادة يتصاعد ليحقق في الأخير غرض إيصال الفكرة الموجهة وتبليغها.
- كل منتوج أدبي ينتهي بإضاءة للفكرة الموجهة ، هذه الإضاءة تسمى بالخاتمة.

- إذا كانت المقدمة تهيئ لمعالجة الموضوع تبعا للمعنى العام للفكرة الموجهة، فإن الخاتمة تنهي العرض بالكشف عن الفكرة الموجهة.
- نخلص إذن، إلى أن المقدمة والخاتمة هما بمثابة إطار للعرض.

5- طبيعة الأسلوب:
- لترجمة المشاعر والانفعالات، التي يريد الكاتب مشاطرتها المتلقي، يعمد إلى طريقته الخاصة باختيار ونظم وتأليف المفردات والعبارات وهو يعالج الموضوع من زاويته الخاصة.

- هذه الطـريقة يتولد عنها ما يمكن أن نسميه شكل أو بناء الكلام / التعبير / القول، أو صورته التي تعمل على تحريك طاقة الاستحضار والتخيل لدى المتلقي حتى يتمكن من تمـثل أفكار الكاتب سواء أكانت ثانوية أو موجهة.

- الكتابة أو القول الإيحائي (الشعر في الأعم والنثر الأدبي في الغالب) كثيرا ما يستعمل الصور البلاغية (التشبيه، الاستعارة، الكناية، المجاز).

- التفسير والوصف يحركان طاقة الاستحضار والتخيل من خلال اعتماد الصور التي تستوفي خصائصها من الواقع أو من الشيء الذي يحاول الكاتب وصفه أو الموضوع الذي يريد تفسيره.

- ليست هناك حدود فاصلة داخل النصوص في هذين النمطين من الصور، قد نجد صورا واقعية في الكتابة الإيحائية، كما يمكن أن نجد صورا بلاغية داخل الكتابة التفسيرية أو التوضيحية أو الحجاجية.

- حسب درجات اليقين والانفعال التي تحركها الجمل الشاملة للصور في المتلقي، يلجأ الكاتب أو المؤلف إلى هذه الأخيرة (الجمل) ويكسوها حلة أسلوبية تتراوح بين: التوكيـد - الاستفهام - التعجب - التقرير - الإثبات - النهي - الأمر - النفي - الطلب... 

- عندما لا يكون كاتب النص الإنشائي ضمن الفاعلين في النص ويستعمل ضمائر الغيبة فقط، نقول إن الأسلوب لا شخصي، مثال: "صبيحة يوم الجمعة 17 غشت الجاري كانت المحكمة الابتدائية لمدينة القصر الكبير شبه هادئة، حـيث لم يكن بها سوى ســبعة أشخــاص واقفين أما مكتب السادة نواب وكيل الملك، ذلك المكتب الـذي توجـد به ثـلاث طاولات، اثنـتان يجلس على كل واحـدة منهما نائب والثالثـة فارغة".

- وعندما يكون المتحدث ضمن الفاعلين في النص يشاركهم أحداثه مستعملا ضمائر التكلم أو الخطاب نقول إن الأسلوب شخصي: "وقد استمر أحد نواب وكيل الملك في استقبال أولئك المتقاضين السبعة ما يزيد على نصف ساعة، كنت أتجول خلالها بين مكاتب المحكمة وأتذكر ما سبق وأن رأيته فيها قبل سنوات، فالمكاتب لم تتغير بل على العكس أضيفت إليها بعض الطاولات حتى يجلس عليها بعض الكتاب أو الكاتبات. وطبيعي أن تكون  بعض الطاولات فارغة لأن الموظفين يوجدون في عطلة".

نمط النص:
عندما يؤلف مؤلف نصا ما، فإن منتوجه لا يخرج من حيث النوعية عن أنماط النصوص التالية: التفسيري، الوصفي، الحجاجي، الإيعازي، السردي.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال