لزاماً على كل أب أن يعلم أنه يجب عليه وعلى من يعول، بل يجب على كل رجل وامرأة عل وجه هذه الخليقة أن يتعلم ما يمكّنه من أداء ما يجب عليه لتحقيق العبودية لله تعالى، والقاعدة الشرعية تقول: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
والمرأة خصوصاً في هذا الزمن محتاجة إلى أن تتعرف على معتقد أهل السنة والجماعة، وفقه الحلال والحرام وأن تحفظ من القرآن ما تقرأه في صلاتها على أقل تقدير.
روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" طلب العلم فريضة على كل مسلم"[1].
ولم يخص أحد من أهل العلم من شراح هذا الحديث بأن المراد من الفريضة في الحديث الرجال خاصة دون النساء، فالكل مخاطب بذلك.
وقد بوب البخاري في صحيحه (باب تعليم الرجل أمته وأهله) ومعلوم أن فقه الإمام البخاري رحمه الله في تبويبه وساق تحت هذا الباب حديث أبي بردة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ثلاثة لهم أجران، رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وأمن بمحمد صلى الله عليه وسلم والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها وتزوجها فله أجران".
وهذا شاهد واضح الدلالة من السنة النبوية يدل على حق النساء في التعليم وحثهن عليه.
وفي دراسة حديثة لباحث مسلم في مركز (أوكسفورد) للدراسات الإسلامية في بريطانيا أسمه محمد أكرم ندوي، وضع فيها قاموساً للمحدِّثات المسلمات، وكان يعتقد الباحث حين بدأ إعداد هذا البحث أنه لن يهتدي إلى أثر أكثر من عشرين أو ثلاثين منهن، وقادته رحلة بحثه إلى اكتشاف أكثر من ثمانية آلاف محدثة، وأفضى به البحث إلى محدثة مصرية في القرن الثاني عشر أذهلت طلبتها من الرجال بحفظها نصوصاً تعادل حمل جمل!!.
وعثر أيضاً على سيرة محدثة أخرى برعت في تدريس علم الحديث في المدينة المنورة في القرن الخامس عشر وإلى عالمة في المدينة كذلك بلغت مرتبة الفقهاء في القرن السابع وكانت تفتي في شؤون الحج والتجارة فعلينا ألا نغفل ما نجده عند بناتنا من فهم وقوة حفظ وإدراك وأن نستغله قبل أن يضيع فيما لا ينفع.
وهذه الدراسة تذكرنا بالجيل الأول في عهد النبوة، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، قال: "اجتمعن يوم كذا وكذا: فاجتمعن فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلمهن مما علمه الله ثم قال: "ما منكن من امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثة إلا كانوا لها حجابا من النار" فقالت امرأة: واثنتين واثنتين واثنتين، فقال رسول الله: "واثنتين واثنتين واثنتين".
[1] -صحيح الجامع الصغير للألباني برقم 3914.
التسميات
تربية بنات