التوقيف عن العمل مع الحرمان من الأجرة بعد العرض على المجلس التأديبي بسبب رفض التكليف لسد الخصاص

بتاريخ 6 فبراير 2001، أصدرت المحكمة الإدارية بفاس وهي متكونة من السادة:
- ذ. محمد النجاري : رئيسا مقررا
- ذ. سعد غزيول برادة : عضوا
- ذ. أناس السبتي : عضوا
بحضور  محمد صقلي حسيني : مفوضا ملكيا
وبمساعدة السيد عبد الرحيم العلمي: كاتب الضبط

الحكم الآتي نصه
بين:
السيدة أديبة عيوش أستاذة السلك الأول بإعدادية عمر الخيام فاس، نائبها ذ. عزيز بنكيران المحامي بفاس.
مدعية من جهة

وبين وزارة التربية الوطنية في شخص السيد الوزير بالرباط.
مدعى عليها من جهة أخرى

أولا: الوقائع:
بناء على القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية.
وبناء على المادة السابعة منه التي تحيل على قانون المسطرة المدنية.
وحيث إنه بمقتضى مقال مسجل بتاريخ 20/4/2000 تعرض فيه الطالبة السيدة أديبة عيوش بواسطة محاميها أنها تطعن في القرار الإداري عدد 6338/1 المؤرخ في 30/6/2000 والقاضي بتوقيفها مؤقتا لمدة شهر مع الحرمان من كل أجرة والذي بلغت به بتاريخ 15/4/2000 وذلك لكون هذا القرار خالف القانون عندما نص على أن المجلس التأديبي المنعقد بتاريخ 8/3/2000 قد اتخذ ضد العارضة عقوبة التوقيف المذكورة والحالة أن سلطة هذا المجلس منحصرة في الدور الاستشاري بعد دراسة الملف واقتراح العقوبة المناسبة، كما أن القرار المطعون فيه بالإلغاء منعدم التعليل إذ اكتفى مصدره باتخاذ القرار المطعون فيه دون ذكر الأسباب التي أدت بالإدارة إلى اتخاذ القرار ودون ذكر الإجراءات المتخذة قبل صدوره فضلا عن كونه متسما بالتعسف في استعمال السلطة لانعدام ملاءمة القرار المطعون فيه بالإلغاء والظروف الموضوعية التي تمثل النازلة خاصة وأن مقتضيات الفصل 66 من قانون الوظيفة العمومية ينص على عقوبات متعددة قبل التوقيف المؤقت والحرمان من الراتب الشهري ملتمسة بناء على كل ما ذكر في مقالها إلغاء القرار المطعون فيه.

ثانيا: الإجراءات:
حيث إنه بعد تبليغ نسخة من المقال الافتتاحي إلى الطرف المطلوب أجاب السيد الوكيل القضائي عنه موضحا بأن وقائع النازلة ابتدأت بحصول خصاص في إعدادية الزهور نتيجة استفادة أستاذ من رخصة مرضية مما تقرر معه الالتجاء إلى الطاقم الاحتياطي الذي تتوفر عليه نيابة وزارة التربية الوطنية لسد الفراغ وقد تم تكليف الطاعنة بالقيام بهاته المهمة بعد استعمال معايير موضوعية مرتبطة بالأقدمية ونقطة التفتيش والنقطة الإدارية إلا أن الطاعنة لم تمتثل لقرار انتدابها بسد الخصاص المذكور مما حدا بالإدارة إلى عرض ملفها على أنظار المجلس التأديبي الذي اقترح بعد تمكين الطاعنة من الدفاع عن نفسها اتخاذ عقوبة التوقيف المؤقت في حقها وهو الاقتراح الذي حظي بمباركة الجهة المختصة موضحا بأن الطعن غير مقبول شكلا لكونه انصب على إجراء لا تتوفر فيه سمات القرار الإداري لأن القرار المؤثر هو القرار الصادر بناء على اقتراح المجلس التأديبي بتاريخ 28/3/2000 وأن القرار غير مخالف للقانون لكونه بني على اقتراح من المجلس التأديبي الذي تم تبنيه من طرف السيد الوزير وفق ما يتضح من توقيع السيد رضا سكو المفوض له بذلك وأن الطاعنة بلغت بقرار السيد الوزير بمقتضى رسالة الإخبار موضوع الطعن كما أن القرار غير مشوب بعيب انعدام التعليل لأن الإدارة وإن كانت غير ملزمة بتعليل قراراتها في صلبها فإن القرار المؤثر في الوضع القانوني للمعنية بالأمر والذي لم يكن موضوع أي طعن تبنى اقتراح المجلس التأديبي الذي جاء معللا ، فضلا عن كون العقوبة المتخذة في حق الطاعنة ملائمة للفعل المرتكب مادام أن الطاعنة رفضت الامتثال لتعليمات رؤسائها بتعويض زميل لها يوجد في رخصة مرضية وقد أدى ذلك إلى عرقلة وتعطيل سير المرفق العام وتعريض التلاميذ للضياع ملتمسا الحكم بعدم قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وحيث إنه بعد تعقيب كل من الطرفين بما هو مدون في مذكراتها واعتبار القضية جاهزة صدر أمر بالتخلي وإعلام الأطراف بتاريخ الجلسة الذي هو 30/1/2001 حيث حضر دفاع الطرف الطالب وأكد ما سبق في حين تخلف المطلوب ضدهم رغم توصلهم فأعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي اقترح الحكم بقبول الطلب شكلا لكون المقرر المؤثر في وضعية الطاعنة هو الذي توصلت به بتاريخ 15/4/2000 وإلغاء القرار المطعون فيه موضوعا بعلة أن عقوبة التوقيف متخذة من طرف المجلس التأديبي الذي يعتبر هيئة استشارية في غياب التنصيص على تبني السيد وزير التربية الوطنية للاقتراح باعتباره المختص قانونا في اتخاذ مثل هاته العقوبة وفي حالة ما إذا أرادت المحكمة غير ذلك اقتراح إجراء بحث.

ثالثا: التعليل:

في الشكل:
حيث إن الإدارة دفعت بعدم قبول الطلب شكلا لوروده على رسالة إخبارية.
لكن حيث إن الطعن انصب أساسا على قرار التوقيف المؤقت المتخذ كعقوبة تأديبية في حق الطاعنة والمبلغ لها بمقتضى رسالة السيد وزير التربية الوطنية المذكورة ذلك أن كل الدفوعات الواردة بالمقال تنصب على قرار التوقيف.
وحيث إنه لا دليل بالملف يفيد تبليغ هذا القرار قبل توصل الطاعنة بهاته الرسالة.
وحيث إنه فضلا عن ذلك فإن الرسالة وإن كانت أخبرت الطاعنة بوجود قرار المجلس التأديبي المتخذ في حقها فإنها ألزمتها بالتوقف عن العمل لمدة شهر بمجرد توصلها وبضرورة استئناف العمل بداية من تاريخ انتهاء العقوبة.
وحيث إنه لذلك تكون هاته الرسالة حاملة في طيها لقرار إداري مؤثر في المركز القانوني للطاعنة مما يحق لها الطعن فيها وفيما تضمنته.
وحيث إن هذا الطعن مقدم داخل الأجل القانوني المحدد في ستين يوما من تاريخ التوصل بالقرار وفق أحكام المادة 23 من قانون المحاكم الإدارية مادام أن التبليغ وقع يوم 15/4/2000 والطعن القضائي مسجل بتاريخ 20/4/2000.
وحيث إنه بالإضافة إلى ذلك فإن مقال الطعن مستوف لباقي الشروط الشكلية مما يتعين قبوله شكلا.

حول الموضوع:
حيث لئن كانت الإدارة غير ملتزمة بتعليل قراراتها في صلبها متى انعدم نص قانوني يوجب ذلك ولها كامل السلطة التقديرية في اتخاذ العقاب المناسب شريطة عدم الغلو فيه فإنها ملزمة بمراعاة الشكليات التي يوجب القانون اتباعها لاتخاذ القرار الإداري ومراعاة اختصاص كل جهة.
وحيث إنه في نازلة الحال فإنه بالاطلاع على الرسالة عدد 6338/1 المذكورة أعلاه يتبين أن السيد وزير التربية يخبر الطاعنة صراحة بأن المجلس التأديبي المنعقد  بتاريخ 8/3/2000 اتخذ في حقها عقوبة التوقيف المؤقت مع الحرمان من كل أجره باستثناء التعويضات العائلية لمدة شهر واحد.
وحيث إنه من المعلوم أن حق التأديب تختص به السلطة التي لها حق التسمية وأن اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء المنعقدة كمجلس تأديبي ينحصر دورها في اقتراح العقوبة المناسبة في حق الموظف المتابع بعد إحالة القضية عليه من طرف السلطة التي لها حق التأديب وفق ما تنص عليه مقتضيات الفصلين 65 و 66 من قانون الوظيفة العمومية.
وحيث إن ذلك يعني أن قرارات تأديب الموظفين تتخذ من طرف الجهة التي لها حق التسمية وهي في نازلة الحال وزير التربية الوطنية أو من يفوض له في هذا الغرض متى كان القانون يسمح به بذلك وأن اكتفاء هذا الأخير بالإخبار عن الرأي الاستشاري للمجلس التأديبي باتخاذ قرار عقوبة التوقيف المؤقت والعمل على تنفيذه دون إفصاح الجهة المختصة بإصداره عن نيتها صراحة في تبني هذا المقترح يجعل الرأي الاستشاري المذكور قرارا نافذا ومؤثرا في المركز القانوني للطاعنة رغم صدوره من جهة غير مختصة علما بأن ما أدلت به الإدارة من صورة لمحضر المجلس التأديبي المنعقد بتاريخ 8/3/2000 والمشار في أسفله إلى توقيع السيد رضا سكو نيابة عن الوزير وتفويض منه لا يغير من الأمر شيئا باعتبار أن هذا الأخير لم يعبر صراحة عن تبني هذا القرار مكتفيا بالتوقيع فقط الذي ينصرف إلى عدة احتمالات مما لا يعبر  بالشكل الواضح عن تبني هذا المقترح علما بأن العرف الإداري جرى على تهييء نموذج خاص يشار فيه إلى مقترح المجلس التأديبي وتبني المسؤول المختص لهذا المقترح أو اتخاذ عقوبة أقل...وهو ما لم يتوفر في نازلة الحال.
وحيث إنه بإخلال القرار المطعون فيه بهذه الشكليات واكتفائه بتنفيذ مقترح المجلس التأديبي بعد الإخبار به يجعل القرار المتخذ معيبا ومعرضا للإلغاء.

رابعا: المنطوق:
لهذه الأسباب:
إن المحكمة الإدارية وهي تقضي علنيا ابتدائيا وحضوريا بقبول الطعن شكلا.
في الموضوع: بإلغاء القرار المطعون فيه القاضي بمعاقبة الطاعنة أديبة عيوش بالتوقيف المؤقت مع الحرمان من كل أجرة باستثناء التعويضات العائلية لمدة شهر واحد مع ما ترتب عن ذلك من آثار قانونية.
بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالمحكمة الإدارية بفاس.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال