خارج الأجل القانوني للطعن في القرارات الإدارية.. اعتبار تاريخ توقيف راتب الطاعن بمثابة العلم اليقيني بقرار العزل لا يحتسب على أساسه أجل الطعن بالإلغاء

المحكمة الإدارية بالرباط
ترك الوظيفة:
اعتبار تاريخ توقيف راتب الطاعن بمثابة العلم اليقيني بقرار العزل يحتسب على أساسه أجل الطعن بالإلغاء...لا.
                                                       حكم عدد 985
بتاريخ 05/10/2004
العياشي الفوزاري ضد وزير التربية الوطنية
باسم جلالة الملك
بتاريخ 20 شعبان 1425 موافق لـ 5/10/2004 ، أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة:
محمد محجوبي: رئيسا؛
رضا التايدي: مقررا؛
حميد ولد البلاد: عضوا؛
بحضور السيد عبد الله بونيت: مفوضا ملكيا؛
وبمساعدة السيد عبد الحكيم الأحرش: كاتب الضبط.
الحكم الآتي نصه:
بين الطاعن : العياشي الفوزاري، نائبه: الأستاذ أحمد الحريري، المحامـي بالخميسات.
                                                   من جهة
وبين المطلوبين في الطعن:
1. الدولة المغربية في شخص الوزير الأول بمكاتبه بالرباط؛
2. وزارة التربية الوطنية في شخص وزير التربية الوطنية بمكاتبه بالرباط؛
3. نيابة وزارة التربية الوطنية بالخميسات في شخص النائب الإقليمي بالخميسات؛
4. الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بوزارة المالية بالرباط.
من جهة أخرى
[...]
وبعد المداولة طبقا للقانون.
في الشكل
حيث دفع الوكيل القضائي للمملكة بعدم قبول الطلب لوقوعه خارج الأجل القانوني للطعن في القرارات الإدارية، على اعتبار أن الطاعن كان على علم بالقرار المطعون فيه ابتداء من 24/05/2002 تاريخ توقيف راتبه الشهري، في حين لم يتقدم بعريضة الطعن إلا في 9/6/2003.
وحيث إنه كانت المادة 23 من القانون رقم 41.90 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية، قد نصت على أن المنطلق في احتساب أجل الستين يوما المحددة للطعن في القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية، يبتدئ من تاريخ نشر أو تبليغ القرار المطلوب إلغاؤه إلى المعني بالأمر، فإن اجتهاد القضاء الإداري المغربي قد تواتر على إضافة حالة جديدة يعتد بها في حالة تحققها في احتساب أجل الطعن، وهي علم الطاعن بالقرار المطعون فيه ومضمونه. غير أنه اشترط في هذا الأخير أن تتحقق فيه مجموعة من الشروط حتى يصبح منتجا لآثاره القانونية، بحيث ينبغي أن يكون علما يقينيا وحقيقيا وشاملا لكافة محتويات القرار ولجميع عناصره الأساسية التي يستطيع صاحب الشأن على أساسها تبين مركزه القانوني حيال القرار وتحديد موقفه إزاءه وطريقة الطعن فيه، وذلك حتى تتحقق الغاية من وراء ذلك العلم، ويقوم مقام التبليغ أو النشر الذي نص عليه المشرع.
وحيث إنه بالرجوع إلى الواقعة المتمسك بها من طرف الإدارة المطلوبة في الطعن ، لإثبات واقعة العلم بالقرار موضوع الطعن، يتبين أنها لا يمكن أن تقوم دليلا على ذلك العلم، إذ أن توقيف راتب الطاعن لا يفيد في شيء صدور قرار بعزله أو العلم بمضمونه، إذ كما يمكن أن يكون قرينة على هذا الأخير يمكن أن يكون أيضا نتيجة لإجراء إداري آخر سواء كان عقوبة تأديبية أو غيره، ثم إنه لا يمكن الجزم أن المعني بالأمر قد علم أصلا بتوقيف راتبه سيما وأنه كان مصابا بمرض نفسي كما يدعي بذلك . كما أنه من جهة أخرى فإن الحالة الوحيدة التي يلجأ فيها إلى إيقاف أجرة الموظف هي عندما يتعذر تبليغه بالإنذار من أجل الالتحاق بالعمل داخل أجل سبعة أيام عملا بمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 75 مكرر من قانون الوظيفة العمومية. أما في الحالة التي يتوصل فيها الموظف بالإنذار المذكور – كما تتمسك الإدارة بذلك في نازلة الحال – فإن عدم الاستجابة إليه يعطي لهذه الأخيرة الحق مباشرة في توقيع عقوبة العزل ، وبالتالي فإن توقيف راتبه في مثل هذه الحالة لا يمكن أن يقوم سندا على واقعة العلم بالقرار المطعون فيه. الأمر الذي يجعل من الدفع المثار بهذا الشأن غير جدير بالاعتبار ويتعين استبعاده.
وحيث إنه أمام استبعاد الدفع المذكور، واستيفاء الطلب لسائر الشروط الشكلية المتطلبة قانونا، فهو لذلك مقبول.
وفي الموضوع:
حيث يهدف الطلب إلى الحكم بإلغاء القرار الصادر عن وزارة التربية الوطنية تحت عدد 115193 المؤرخ في 24/05/2002، القاضي بعزل الطاعن عن العمل ، مع ترتيب الآثار القانونية عن ذلك.
وحيث أسس المدعي طلبه على وسيلة واحدة تتمثل في مخالفة القرار المطعون فيه لمقتضيات الفصل 75 مكرر من الظهير الشريف بتاريخ 28/2/1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، إذ أنه اتخذ وهو في حالة مرض نفسي تعذر معه الالتحاق بمقر عمله وأمد الإدارة بالشواهد الطبية المثبتة لحالته الصحية.
وحيث أجابت الإدارة المطلوبة في الطعن التي تمسكت بأن الطاعن انقطع عن العمل منذ 10/12/2001، ورغم إنذاره بالالتحاق بالعمل بتاريخ 10/1/2002 وتوقيف أجرته في 24/5/2002، لم يلتحق بعمله مما حدا بها إلى إصدار قرار عزله عملا بالمسطرة المنصوص عليها في الفصل 75 مكرر السالف الذكر.
وحيث إنه بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 75 مكرر المشار إليه أعلاه الذي نظم مسطرة العزل في حالة ترك الوظيفة، يستفاد منها أن تطبيق المسطرة المذكورة منوط بتوافر مجموعة من الشروط تتمثل في ثبوت واقعة الانقطاع عن العمل في حق الموظف، وأن يكون ذلك الانقطاع دون مبرر قانوني، ثم إنذاره بالالتحاق بالعمل داخل أجل سبعة أيام وعدم استجابته إليه. وأن تخلف أحد هذه الشروط ينزع عن تلك المسطرة مبررات اللجوء إليها، ويجعل من قرار العزل الصادر على إثرها متسما بعدم المشروعية.
وحيث إنه بعد اطلاع المحكمة على كافة الأوراق المدلى بها في الملف ، تبين لها أن الفترة التي ادعت فيها الإدارة أن الطاعن تخلى فيها عن العمل بصفة إرادية، ابتداء من 10/12/2001 وحتى بعد توجيه الإنذار إليه في 10/1/2002، كان تحت ضغط حالة مرضية أقعدته عن الالتحاق بمقر عمله كما تثبت ذلك الشواهد الطبية التي أرسلها إلى المؤسسة التعليمية التي يشتغل لديها عن طريق البريد المضمـون، الأولى تمتد من 11/12/2001 إلى 9/1/2002، والثانية من 11/1/2002 إلى غاية 10/2/2002 ثم شهادة ثالثة من 11/2/2002 إلى 12/3/2002 ثم شهادة طبية أخيرة مدتها ثلاثة أشهر تبتدئ من 13/3/2002، وهي الشواهد التي لم تنكر الإدارة توصلها بها بدليل الكتاب الموجه إلى الطاعن من طرف النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بالخميسات المؤرخ في 04/03/2002 تحت عدد 785، يشير فيه إلى كثرة الشهادات الطبية التي توصلت بها النيابة خلال الثلاث سنوات الأخيرة وتطلب منه الإدلاء بتقرير طبي يشخص حالته الصحية ويقدم اقتراحات عملية بخصوصها حتى يعرض على المجلس الصحي الوطني لدراسته واتخاذ القرار الملائم لوضعيته.
وحيث يتبين من ذلك أن الطاعن عند اتخاذ الإدارة لقرار عزله في 24/5/2002، كان في حالة غياب مبرر إلى تاريخ انتهاء المدة المحددة في الشهادة الطبية الأخيرة المدلى بها، أي إلى غاية 13/6/2002، مما ينتفي معه أحد الشروط الأساسية لتطبيق مسطرة العزل كما هي منصوص عليها في الفصل 75 مكرر أعلاه، والمتمثل في الانقطاع غير المبرر عن العمل، ويجعل بالتالي من الوسيلة المثارة بهذا الصدد مبنية على أساس سليم ويتعين اعتمادها.
وحيث إنه تبعا لذلك، يكون القرار المطعون فيه مشوبا بتجاوز السلطة لعيب مخالفة القانون، مما يتعين معه الحكم بإلغائه مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.
المنطوق
وتطبيقا لمقتضيات المواد 3 – 4 – 5 – 7 – 8 من القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية ، وقانون المسطرة المدنية، والفصل 75 مكرر من الظهير الشريف بتاريخ 28/2/1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.
                                      لهذه الأسباب
حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وحضوريا:
في الشكل: بقبول الطلب.
وفي الموضوع: بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر عن السيد وزير التربية الوطنية بتاريخ 24/5/2002 تحت عدد 115193 القاضي بعزل الطاعن عن عمله، مع ترتيب الآثار القانونية عن ذلك.
بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال