الدخول المدرسي…مناسبة تتكرر كل سنة ، برمزيتها وحلاوتها وضغوطها الكثيرة ، تترك بصمات لا تنمحي في ذاكرة الإنسان المغربي.أجواء هده المناسبة جاءت هذه السنة في ظروف استثنائية جدا، ستجد معها دون شك الكثير من الأسر المغربية المعوزة ومحدودة الدخل نفسها في وضع صعب .
العطلة الصيفية ،شهر رمضان ،عيد الفطر،كلها محطات لها قيمتها الكبيرة في أوساط الأسر المغربية ، تزامنت هده السنة لتعقد وضعية الميزانية الأسرية ،بسبب متطلباتها ومصاريفها التي تفوق التوقعات وتتجاوز القدرة الشرائية للمواطن المغربي .حتما فمصائب الفقر والحاجة هذه هي فرصة لا تعوض لتجار القروض الملغومة لجني أكبر قدر من الأرباح،وللأسف الشديد فجزء كبير من زبنائهم الأوفياء ينتمون لأسرة التعليم.
أيام قليلة تفصلنا عن الدخول المدرسي الجديد ، وكلنا انتظار لانتظارات كثيرة…انتظار أن تكف حليمة/الوزارة عن عادتها القديمة ،بالتخلي عن السياسات العرجاء، كاستمطارنا بسيل من المذكرات كما فعلت السنة المنصرمة ،وبعضها بكل تأكيد حرر دون الإلمام بالحقائق الميدانية كالمذكرة الخاصة بتدبير الزمن المدرسي . والتخلي عن تسويق وترويج الألفاظ والشعارات الخالية من المعنى ،والتي لا تهدف إلا إلى التضليل ومحاولة حجب الشمس بالغربال.
من منطق التفاؤل نتوقع أن تفتح وزارتنا الحبيبة هده المرة آدانها، لتسمع صوت الواقع والحقيقة،وتدرك أن أسباب فشل مدرستنا ليست بالضرورة هي تلك التي يراها الجالسون في قاعاتهم المكيفة،أن تسمع صوت الطوابير الطويلة من المدرسين التي تنتظر الترقيات بشوق بعدما فقدت أملها في الامتحان المهني، وكفاءات نادرة في سلكي التعليم المدرسي : الابتدائي والثانوي الإعدادي وجدت نفسها عن وعي أو بدونه في أشباه سجون بسبب استحالة إمكانية تغيير الإطار، بل بالعكس وفي خطوة مفاجئة وغير مفهومة تلجأ الوزارة إلى تكتيك التوظيف المباشر في السلك الثانوي التأهيلي .لن أسهب أكثر في ذكر المشاكل فأمنا الوزارة تعرفها جيدا ،وإن تظاهرت بجهلها.
سيكون الدخول المدرسي لهده السنة استثنائيا كسابقه لمراهنة الوزارة على وصفة البرنامج الإستعجالي ، في سنته الثانية ، لإنقاذ المدرسة العمومية من الاحتضار وتدارك وصمة العار التي لصقت بتعليمنا جراء الحقائق المخجلة الواردة في التقارير الدولية.
بالمقابل علينا نحن ، معشر المدرسين ، أن نكون في مستوى الحدث ، بيداغوجيا الإدماج الوصفة السحرية المقدمة لعلاج اعتلالات المدرسة المغربية ،تحتم علينا أن نكون متيقظين مستعدين نفسيا ومعرفيا وبيداغوجيا ،كي نسحب البساط من المتهمين لرجل التعليم بالقصور والكسل …،ونستطيع تحويل أصابع الاتهام إلى مكمن الداء الحقيقي.
الحديث عن بيداغوجيا الإدماج يقودنا إلى الحديث عن زميل لنا في الهم والكفاح…المفتش.
بعد غيابه الطويل والمؤثر والدرامي عن فصولنا الدراسية ،سيأتي أخيرا…هذا ما وعدنا به خلال الأيام التكوينية حول بيداغوجيا الإدماج.قدومه من جديد يستدعي الاحتفال والفرحة حقا ،لكن ليس كما عهدناه غضوبا مزمجرا سلطويا ،بل إنسانا بشوشا متفهما وحاملا لرسالة ومشروع.
المدرس والمفتش محتاجين اليوم أكثر من أي وقت مضى في ظل تأزم وضعنا التربوي،إلى تكريس ثقافة التواصل والحوار ،عوض التسلط والاتهام والتحقير.
ختاما،يظل التساؤل مشروعا:هل بداية الموسم الدراسي الجديد فعلا ستشكل قطيعة مع الواقع التربوي المتردي ،وتدشين لمرحلة جديدة تعيد للمدرسة المغربية بريقها وإشعاعها،ودورها التنموي؟
أريد أن نكون متفائلين هده المرة ،رغم هيكلية المشاكل وصعوبة تغيير العقليات المدبرة للشأن التربوي ،والأيام المقبلة كفيلة بالإجابة عن التساؤل.
التسميات
دخول مدرسي