مثال من الحياة لمشاكل مراهقة.. تمرد على المدرسات وكلام فاحش وتشبه بالرجال

لديّ أخت عمرها 16 سنة سيئة السلوك، ومتمردة على أوامر أمي وأبي، وفصلت من المدرسة؛ بسبب تمردها على المدرسات، وكلامها الفاحش، وتحب أن تعاكس زميلاتها إما بواسطة التليفون أو في المدرسة، وتلبس ملابس الرجال، وتكثر الجلوس مع إخواني الذكور، ودائمًا تعمل أعمالاً تغضبنا منها، فتستسلم للبكاء والعزلة، وتلبس ألوانا قاتمة من الملابس، ويبدو عليها الحزن واليأس، ودائمًا أنصحها ولكن لا جدوى، ويبدو منها بعض الأعمال الغريبة مثل جلوسها في الحمام فترة طويلة، وجزاكم الله خيرا.
الجواب:
 الأخ السائل/ نحمد إلى الله اهتمامك بأختك و شفقتك عليها و إن بدت مرارةً في سؤالك ،وإن كنالا ندري كم سنك ، وكم هو فرق العمر بينك وبين أختك التي بعثت تشكو حالها.. ولكنا نشكر لك اهتمامك ونذكرك أن جزءاً كبيرًا من المسئولية في إصلاح حال هذه الأخت يقع على عاتق الوالدين، والتي تبدو العلاقة بينهما ليست على ما يرام، وهو أمر مهم في التعاون للتعامل مع هذه الفتاة.. و ,بالرغم من وصفك لأختك أنها سيئة السلوك فإننا لا نتفق معك في هذا الوصف؛ 
إننا كما نلمس من رسالتك أنها فتاة في سن المراهقة فيبدو أنها لا تجد من يستطيع التفاهم معها أو فهمها، وأنتج ذلك عندها نوعًا من الغضب والرفض الذي يظهر فيما أسميته أنت في رسالتك التمرد على الأب والأم والتمرد على المدرسات؛ فالتمرد من سمات هذه المرحلة عندما يُحبط المراهق حين يشعر أن من حوله لا يفهمونه..، إن هذه الفتاة لم تجد من يستطيع احتواءها..، إنها تريد أن تثبت ذاتها، إنها تريد أن تعلن أنها أصبحت شخصية مستقلة، إنها تريد أن تقول أنا كبرت، ولكن يبدو أن هذا شيء غير مفهوم من قبل أبيها أو أمها أو مدرساتها. إنها تتحدث مع زميلاتها لأنها تجد عندهن من يسمعها ويتجاوب معها.. ولبس ملابس الرجال أو الألوان القاتمة من الملابس إنما يدخل في هذه الرغبة في التميز وإثبات الذات حتى ولو كان بصورة شكلية من خلال الملابس وتقاليعها، ولا نرى في جلوسها مع إخوانها الذكور أي مشكلة أو دلالة على سوء السلوك، بل يدل على حاجتها أن تجد من هو مقارب لسنّها لفهمها لتستطيع الجلوس والحديث معه. 
إن مفتاح حل مشكلة هذه الفتاة هو "الصداقة والحب والتفاهم"، إنها لا تريد منك أيها الأخ - إن كنت مهتمًّا حقًّا بأمر أختك - النصح المستمر فهذا أمر لا يجدي، ولكنها تحتاج منك الصداقة المستمرة والحب المتدفق والتفاهم الفعّال.. وعندها سترى شخصية أخرى أمامك، إنك تستطيع أن تكسب بالحب والصداقة والتفاهم ما لم يستطع الأب والأم والمدرسات أن يكسبوه.. لقد اكتفى الأب والأم بإلقاء الأوامر، واكتفت المدرسة بفصلها عن الدراسة، ولم يحاول أحد أن يقترب من هذه الفتاة ويفهم مشكلتها أو ما يدور في نفسها أو لماذا هي غاضبة أو ماذا تريد؟، ثم يُشعرها أنه قريب منها، ويشعر بأحاسيسها وآلامها، وأنه سيساعدها في تجاوزها.. إن هذه الفتاة تريد من يأخذ بيدها بحنان وحب لا من يزجرها ناصحًا أو غاضبًا أو ناقدًا. 
إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءه الشاب المراهق يقول له: ائذن لي في الزنا يا رسول الله، فهل زجره أو غضب عليه أو وصفه بالتمرد على القيم والأخلاق أو فصله من المجتمع الإسلامي، لقد فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أمور هامة ترشدنا لما يجب فعله مع هذه الفتاة وأمثالها في سن المراهقة.. أول شيء قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ادن.. اقترب"، لقد قربه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه حتى يكون في مجال تأثيره النفسي والروحاني.. ثم حاوره بالمنطق وكان قادرًا أن يبين له الحكم وكفى، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن الشاب في هذه السن يحتاج إلى من يحترم عقله، ويقدر ذاته، فجلس الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحاوره: "أترضاه لأمك".. "أترضاه لأختك".. "أترضاه…"، والشاب يرد: "لا، لا"، ثم يضع الرسول - صلى الله عليه وسلم - يده على قلب هذا الشاب ويدعو له بأن يطهّر الله قلبه، فمن منا يدعو لابنه المراهق أو أخته المراهقة؟ 
إن هذه الأخت تحتاج منك أن تقترب منها وتصادقها وتحاورها، وعندها ستمتنع عن فعل الخطأ حتى لا تغضب صديقها وأخاها الذي شعرت بحبه ودفئه، وسترى منها العجب العجاب في تغير سلوكها.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال