شهادات لبعض ضحايا الهدر المدرسي.. نشوء مجتمع عاجز جاهل تنتشر فيه قيم الجهل و الأمية

ظاهرة مثل هذه التي نناقش اليوم، لا يمكن إلا أن تنتج عنها نتائج ذات تأثير سلبي على الفرد والمجتمع: قد تؤدي إلى نشوء مجتمع عاجز جاهل تنتشر فيه قيم الجهل و الأمية غير ادر على مواكبة تطورات الحياة، وفرد يحس بالنقص أمام رفقائه من المتعلمين غير قادر على استعمال العقل فيما يتعرض له من مشاكل، ضعيف أمام التيارت...

قد تؤدي ظاهرة الهدر المدرسي إلى ظهور ظواهر أحرى مرتبطة بها كتشغيل الطفل وجنوح الأطفال ودخولهم عالم الإجرام منذ صغرهم، و في أحسن الأحوال الاقتراب من عالم الرذيلة و المخدرات و ما إلى ذلك.

دعونا نطرق بابا آخر في حديثنا الأسباب، باب الشهادات التي تلتقط من أفواه أولئك الذين عانوا من الظاهرة:
الشهادة الأولى:

- عبدالله الميكانيكي
يتذكر عبدالله (13 عاما يتيم الأب و تعمل أمه خادمة في البيوت) أنه بدأ عمله قبل حوالي سنتين بائعا متجولا للحلويات أمام أبواب المدارس ثم انتقل للعمل مع أحد الميكانكيين و يقول:
- ولدت يتيما، وكانت أمي هي الكل في الكل، في البيت تقوم بتحضير الأكل و تنظف البيوت، ولا تعود إلا بعد الغروب بقليل، لن أستطع متابعة تعليمي، فقد انقطعت عنه مبكرا، و علمتني والدتي أن الحصول على كسرة خبز في هذا الزمن صعب، ولا يأتي إلا بالجهد والصبر، نصحتني في البداية ببيع الحلويات و حسب والدتي نفسها، فهو مرحلة عابرة، فوقع اختياري على حرفة ميكانيكي لأنها حرفة مطلوبة، وأنا الآن بصدد تعلم أبجدية العمل، وهو شيء يقتضي مني التضحية بالوقت و الراحة، ف (المْعَلَّمْ) أحيانا يدفع لي المبلغ الذي وعدني به،  أحيانا نصفه، و أحيانا أخرى يؤجل ذلك لشهر أو شهرين بدلا من نهاية طل أسبوع كما اتفقنا على ذلك، أشتغل بحماس و أحمل أجزاء بعض السيارات، التي تعادل وزني و أغسل و أنظف الكاراج، وأساعده بدون ملل، وغيابي عن العمل بدون مبرر يعني خصم مكافأة اليوم من مرتبي، أما الغياب بمبرر كالمرض فلا يسمح لي بأكثر من يوم في أقصى الحالات، وأعمل من السابعة صباحا إلى الثامنة مساء مع توقف ساعة و نصف تقريبا لتناول السندويتش، لا أعرف توقفا وأتحمل غضبه ومزاجيته لكني مصر على تعلم حرفة ميكانيكي لأساعد أمي في أعباء الحياة

الشهادة الثانية:
ماتت الأم: هذه شهادة لتلميذ سابق استقاها أحد أصدقائه في الحي (من المشاركين في المشروع)
رغم أني كنت أحب الدراسة إلا أني انقطعت عنها مبكرا دون أن أتجاوز مرحلة التعليم الابتدائي. توفيت والدتي في سن الرابعة، تزوج أبي امرأة أخرى، حاولت منحي الحنان، لكنه لن يصل إلى حنان الأم المفقود و لا إلى قسوة الوالد الموجودة، كان أبي في مشاداة لا تنتهي معي و مع زوجته، مشاداة لم يسلم منها حتى إخوتي البنات البالغ عدده ثلاثة. و المال في أغلب الأحيان هو سبب هذا النزاع. فهو يرفض شراء الملابس و الكتب بدعوى قلة ذات اليد. بدأت أحس أنه يكرهنا، و شيئا فيئا بدأ تركيزي يقل فتعذر بالتالي فهمي للدروس مما دفعني إلى الخروج من المدرسة.

خارج أسوار المدرسة وجدت الضياع مع الإحساس بالغربة و الوحدة بين أهلي. فكرت في الاشتغال بالمقاهي تعرضت للاستغلال والقسوة من أرباب الشغل الذين لا يتوانون في تكليفي بمهام تفوق قدراتي الجسدية.

تعرفت على أصدقاء يتعاطون المخدرات بدأوا يتعرضون سبيل المارة و يعتدون عليهم. لم ترضني هذه التصرفات.
ختم هذا الطفل حديثه لصديقه بتوجيه نداء إلى المجتمع من أجل إنقاذه و تقديم يد العون له.

شهادات كثيرة استقاها التلاميذ من زملائلهم سابقين تصب كلها في نفس الاتجاه و تعبر عن مرارة يحس بها من كانوا ضحية الهدر المدرسي . كما أن الصحافة الوطنية و الدولية تنقل أحيانا عن حوادث مؤسفة يكون الدافع إليها الهدر المدرسي و هذا نموذج من ذلك

 ملحق:
كما سبقت الإشارة إلى ذلك فإن السلطات المهتمة بالتعليم بالمملكة المغربية أصدرت مذكرة تدعو فيها إلى دعوة التلاميذ المفصولين عن الدراسة لسبب من الأسباب (كثرة التكرار- قرارا تأديبي لإثارة الشغب...) أو المنقطعين لتقديم طلب الرجوع إلى الدراسة، لينظر بعد ذلك التدبير في كل مؤسسة في هذه الطلبات وفق معايير يضعها أعضاء المجلس. يتم على إثرها إرجاع من تنطبق عليه الشروط. و كما أسلفنا فإن تطبيق هذه المسطرة تتحكم فيه غالبا معايير أبعد ما يكون الهدف منها هو إرجاع أكبر عدد من هؤلاء المفصولين. فنجد نسبة الإرجاع تختلف من مؤسسة إلى أخرى. الأمر الذي يحتم تنظيم حملات توعوية تبين فلسفة المذكرة المبنية أساسا على منح مجالس التدبير اختصاصاتها مع تمكين أغلب المفصولين من الاستفادة من فرصة ثانية لإعادة إدماجهم في الحياة الدراسية.
وهو عمل يمكن أن يساهم في إنقاذ شاب من الضياع و إخراجه من براثن الجريمة و المخدرات و قد يتمكن من العودة إلى حياة سوية.

نقدم هنا نموذجا من إعدادية مولاي رشيد بالرشيدية.
حيث نستعرض أعداد التلاميذ الذين فصلوا لسبب من الأسباب مع أعداد الذين استفادوا من فرصة الإرجاع إلى الدراسة وفق قرارات مجلس التدبير بالمؤسسة خلال الفترة بين سنتي 2000 و2005.
2000-2001
2001-2002
2002-2003
2003-2004
2004-2005

ذكور
إناث
ذكور
إناث
ذكور
إناث
ذكور
إناث
ذكور
إناث

عدد التلاميذ الإجمالي
781
705
837
775
834
737
657
616
940
765
عدد التلاميذ المفصولين
الأولى إعدادي
5
-
2
2
8
1
18
3
7
1
الثانية إعدادي
4
1
10
4
10
6
10
3
11
4
الثالثة إعدادي
23
9
25
35
32
24
24
12
20
22
عدد التلاميذ الذين تم إرجاعهم
31
14
48
-
10
33
15
40
13
أحدث أقدم

نموذج الاتصال