أثارت الانتخابات التي يقترب موعدها جدلا بشأن ما اذا كان جمال ابن الرئيس المصري حسني مبارك سيخلفه وكشفت عن انقسامات داخل المؤسسة الحاكمة حول ما اذا كان أهلا للمنصب. وحين ظهرت ملصقات في أفقر أحياء القاهرة تشير الى جمال (46 عاما) كزعيم مستقبلي لمصر لم تمض سوى أيام حتى تم تمزيق الكثير منها وتشويهه برذاذ الطلاء. وربما يعير أنصار جمال اهتماما لهذا.
وأثارت حملة الملصقات تساؤلات بشأن ما اذا كان جمال يتمتع بالشعبية او القوة الكافية لكسب الجيش الى صفه وضمان دعم ركائز السلطة الأخرى. ويقول اقتصاديون إن مسألة من سيحكم بعد مبارك سببت حالة من عدم اليقين للمستثمرين لكن هذا ليس كافيا في الوقت الحالي للتفوق على عناصر الجذب في سوق تنمو بمعدل يتجاوز خمسة في المئة في العام في حين أن الصورة في أسواق عالمية أخرى أقل تفاؤلا. وقال مصطفى السيد المتخصص في العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة جمال يتعارض مع المزاج العام.
'اذا استمرت حالة الاستياء... سيكون من الصعب جدا على الأمن والقوات المسلحة دعمه. انهم يريدون مرشحا يستطيع الحفاظ على القانون والنظام'.
وربما لا تأتي المعارضة لجمال من الجيش وحده اذا قرر الرئيس المصري (82 عاما) الا يرشح نفسه لولاية سادسة مدتها ست سنوات في انتخابات الرئاسة التي تجري العام القادم. ويبدو الحزب الحاكم منقسما اذ يشعر الحرس القديم بالقلق من جيل جديد يتبنى تحرير الاقتصاد ينتمي اليه مسؤولون تنفيذيون بقطاع الأعمال يقف وراء جمال الذي كان يعمل بأحد البنوك الاستثمارية.
وقال دبلوماسي أوروبي 'هناك انقسام في الرأي في الطبقة السياسية بالقاهرة'.
وقال دبلوماسي غربي آخر 'لا أرى أي أدلة من خلال الحديث مع المحيطين به (الرئيس مبارك) على أن من سيخلفه واضح في أذهانهم'.
وتزخر الحوائط الافتراضية وهي قناة متنامية للمعارضة بالنداءات. وظهرت عشرات المجموعات على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي على الانترنت تؤيد جمال لكن عددا مساويا من المجموعات تسعى الى منع التوريث في مصر.
وقالت مجموعة على فيسبوك تحمل اسم (جمال مبارك: غير مرغوب فيك انت وابوك) 'في عصركم اختفت موارد مصر خسرنا النيل والغاز - مفيش ولا قمح ولا قطن ولا الكهربا حتى مكفية.. كفاية انجازات'.
ومما يهدد التوريث - وهو شيء ينفيه الاب والابن - حملة للمدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الذي قال إنه قد يخوض انتخابات عام 2011 اذا تم تغيير الدستور ليفتح المجال.
ومن غير المرجح أن تجرى التعديلات بما يسمح بترشح البرادعي لكنه أظهر أنه قد يكون هناك بديل بالنسبة لمصر حيث يلقي الكثير من الفقراء باللائمة على حلفاء جمال في سياسات يقولون إنها لم تفد الا الأثرياء.
وقال الدكتور حسن ابو طالب من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الذي تموله الدولة إن من غير المعقول أن نقول للناس إنه لا يوجد من هو مناسب لهذا الدور سوى ابن الرئيس.
ولا يشعر المستثمرون بالقلق حتى الآن. وقال تركر حمزة اوغلو كبير الاقتصاديين المتخصصين في شؤون تركيا والشرق الأوسط ببنك اوف امريكا ميريل لينش إن النمو المرن في مصر شيء نادر نسبيا على مستوى العالم. ولا يملك المستثمرون 'رفاهية' تجاهله بسبب سيناريو سياسي ربما لا يزال بعيدا نوعا ما.
لكن الانتخابات البرلمانية التي تجري في تشرين الثاني/ نوفمبر وانتخابات الرئاسة في عام 2011 لا تزالان من الموضوعات المتكررة في المذكرات البحثية للبنك.
وربما لا يزال اسم جمال الأكثر ترددا عند الحديث عن منصب الرئيس لكن هناك بعض الاسماء التي تطرح. وينتشر الحديث عن عمر سليمان مدير المخابرات العامة بوصفه بديلا محتملا وهو في السبعينات من عمره ومقرب من مبارك وله الخلفية العسكرية التي يفتقر اليها جمال. وتشمل الاحتمالات الأخرى وزير الدفاع محمد حسين طنطاوي فضلا عن اسماء أخرى من الجيش او بعض السياسيين الكبار. وليس لمبارك خليفة محدد ولم يعين نائبا له وهو المنصب الذي كان يشغله قبل أن يصبح رئيسا.
لكن حتى تحديد أين تكمن السلطة او من الذين سيرجحون كفة مرشح الرئاسة القادم مسألة صعبة في مصر التي كانت آخر مرة اختبر فيها النظام حين اغتيل الرئيس الراحل انور السادات عام 1981 وأصبح مبارك رئيسا للبلاد.
وعلى الرغم من أن البلاد تجري الآن انتخابات رئاسية يشارك بها عدة مرشحين يقول محللون إن الظروف مهيأة لصالح مرشح الحزب الحاكم. ويقول مسؤولون إن الانتخابات حرة ونزيهة.
وحين تولى مبارك الحكم كان الجيش آنذاك القوة السياسية الأبرز. لكن هذا كان بعد أقل من عشر سنوات من حرب تشرين الأول/ اكتوبر عام 1973 مع اسرائيل وكانت سيناء في مرحلة إعادتها لمصر بعد اتفاق السلام الذي أبرم عام 1979.
وقال الدبلوماسي الأوروبي 'قبل بضع سنوات لم يكن هناك سوى مركز واحد للقوة هو الجيش'. وأضاف أن عليه الآن مشاركة ولو جزء من الفضاء السياسي مع آخرين مثل زعماء الحزب الحاكم وأن يضع في اعتباره النفوذ المتزايد لقطاع الأعمال. ويريد الضباط من أي خليفة لمبارك أن يضمن الامتيازات مثل المكافآت السخية لكبار الضباط عند خروجهم من الخدمة.
وربما يتوقف مصير جمال على ما اذا كان مبارك الذي كانت حالته الصحية موضع شائعات كثيرة منذ الجراحة التي خضع لها في المانيا لإزالة الحوصلة المرارية في آذار/ مارس سيتنحى او ستوافيه المنية وهو لا يزال في الحكم.
وفي حين حملت ملصقات المؤيدين عبارة 'المستقبل هو جمال' فإن أعضاء بحركة شباب 6 ابريل المعارضة يضعون علامة 'خطأ' على وجهه باستخدام رذاذ الطلاء.
وقال أحمد ماهر الذي يقود احدى المجموعات ويشكو من التحرشات التي تتعرض لها حملاتها إن الرسم برذاذ الطلاء وسيلة للتعبير عن الرفض لحملة جمال.
وينفي الحزب الحاكم لعب دور في الحملة المؤيدة لجمال لكن البعض يرصد موافقة ضمنية لأن الدولة سارعت الى إخماد حملة أخرى تؤيد سليمان مدير المخابرات. ووقفت وراء هذه الحملة مجموعة تقول إنها تريد منع التوريث. وقال دبلوماسي آخر إن الجيش وغيره على الأرجح سينتهون الى دعم جمال او اي مرشح آخر يختاره مبارك. وأضاف 'ربما يكون هناك في كل مكان من قد يعتقدون أن جمال ليس المرشح الأقوى... لكن هذا لا يعني أنهم سيرغبون في منعه'. (رويترز)
التسميات
ثورة مصر