الطفل المغربي في مواجهة التعدد اللغوي.. بين متغيرات الاختلالات اللغوية وتوابع الرسوب والتعثر والفشل وضعف المستوى التحصيلي

في ظل هذا الوضع يكتسب الطفل المغربي لهجة عربية عامية في بيته،أو لهجة أمازيغية من والديه،أو من أحدهما في السنتين أو الثلاث سنوات الأولى.

وعندما يدخل المدرسة يواجه الازدواج بين اللهجة واللغة العربية الفصيحة في السنة الأولى من تعلمه (أي ما يسمى بالديكلوسيا diglossie)، ويواجه الثنائية اللغوية (bilinguisme) بين العربية والفرنسية في نفس الفترة، بدون أن يكون هناك أي اكتمال أو إنضاج لأي نظام من هذه الأنظمة.

وهو الوضع الذي سيؤثر دون شك على نموه اللغوي والمعرفي والفكري، وبخلق له اضطرابات نفسية وهو في الأطوار الأولى من النمو...

وهذا الاضطراب في المراحل الأولى من الاكتساب والنمو له نتائج سلبية أكيدة فيما بعد، حيث ثبت - ميدانيا - أن الاختلالات اللغوية (التداخلات) تأثير على التأخر في التعبير لدى المتعلم، أو ظهور الأعراض اللاّفيزيولوجية للحبسة اللغوية.

كما ينتج عنها التأخر في القراءة أو عسرها المطلق اللاّفيزيولوجي أيضا، وكذا ضعف الرصيد المعجمي الفصيح، والأعطاب في الاستضمار الناجع للتراكيب والبنى اللغوية، بالإضافة إلى التداخلات غير السوية على المستوى المعجمي (الترجمة الحرفية - ظاهرة الاقتراض العشوائي - استعمال كلمات في غير محلها...)، وعلى المستوى الفونولوجي (صعوبة النطق بالفونيمات غير الموجودة في نسقه الأصلي)، وعلى المستوى النظمي (تأطير التفكير بالنسق الأصلي، مثال: l’arabisme).

أما على المستوى الإدراكي والمعرفي فإن الطفل يصرف طاقاته الكامنة - ليس في التعبير والإبداع - وإنما في المحاولات المضنية والعسيرة للسيطرة على اللغة التي لا يتحكم فيها، عوض استثمار هذا الجهد المضني في فهم وتحليل الواقع والنصوص واستثمارها وتقويمها ونقدها ... الشيء الذي يؤدي به لاحقا إلى عرقلة تطوره المعرفي والفكري وقصور كفاياته اللغوية، وبالتالي إسقاطه في التعثر والفشل الدراسي.

والمجال لا يسمح بجرد الدراسات والأبحاث التي أثبتت وجود معاملات ارتباط قوية بين متغيرات الاختلالات اللغوية وتوابع الرسوب والتعثر والفشل وضعف المستوى التحصيلي...بل وحتى الأمية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال