الوضعية - المشكل في علوم التربية.. وضعية تعلمية يدركها المدرس ويضعها بغاية تعليم المتمدرسين

- الوضعية- المشكل في علوم التربية هي وضعية تعلمية يدركها المدرس ويضعها بغاية تعليم المتمدرسين، مفضلا منطق التعلم على التعليم (التعليم بالمحتوى).

وتتحدد بوجود تلاميذ متعلمين ومكون مدرس وبعلاقات وتفاعلات بين المدرس والتلميذ وبنوع من التعلم المحدد وبمحتوى للمعالجة وسلوك قابل للملاحظة في نهاية الوضعية وبتقويم تكويني واستراتيجية تعلمية واستراتيجيات معرفية فارقية ووسائل ومحيط.

وعلى المدرس أن يتساءل إذا أراد أن يدرس بالوضعية التعلمية بماذا سيقوم تلاميذي في نهاية الوضعية ولم يكونوا قادرين على القيام به قبل ذلك؟
وماذا علية أن يقوم به لبلوغ ذلك؟
وما هي المهام التي تناسب ذلك؟...

- يرى اسكينر أننا نتكلم كثيرا عوض التفكير في حل المشكلات، نولي الاهتمام لشيء بهدف حل مشكل والقيام برد فعل ناجع.
إن حل المشكلات يظل مقتصرا، في العادة، على أنشطة تحضيرية تسهل السلوك في الظروف الأكثر تنوعا.

قد نوجد أمام مشكل فنلجأ إلى حله إما بتغيير الوضعية بالشكل الذي يجعل الجواب ممكنا أو بتغيير حالة الحرمان أو التحفيز العنيف.وهكذا لا يمكن أن نتعلم حل المشكلات إذا لم نتعلم توجيه انتباهنا أو تذكرنا.

هناك وسائل عديدة لتغيير وضعية معينة بنجاعة، منها أن نجعل المثيرات واضحة جدا وتبديلها و تحويلها إلى أخرى حسية وعزلها وإعادة تنظيمها لتيسير المقارنات وجمعها وإعادة جمعها وبنينتها وتقسيمها.

إن أسوأ احتمال هو أن يترك التلميذ يبحث عن الحل بالصدفة، ولكن المطلوب هو أن يتعلم نوع الحل المرغوب فيه مقرونا باختيار التقنية الملائمة.

وبذلك تبدو لنا الطريقة التعليمية القائمة على مبدأ «الارتماء في الماء لتعلم السباحة» محدودة بحدود مشاكل معينة ولا تتماشى ومشاكل متنامية.

ثم إن الطرق التعليمية القائمة على الحلول المباشرة لا تنجم عنها إلا الشكلانية: تفسير الخطوات المتبعة في الحل.

وهكذا يتعاظم تقليد التلميذ لأستاذه قولا و فعلا متبعا ما قدم له لحل المشكل، رغم أنه لا شيء يؤكد لنا أن التلميذ سيجيد إنتاج نفس تلك السلوكات في المستقبل.

فيما يخص التعاريف المتعلقة بالوضعية يمكن الرجوع إلى موسوعة الكفايات، ترجمة وتعريب وإعداد الحسن اللحية، طبع ديجي إديسيون، الرباط 2006 باب الوضعية-المسألة.

- يحيل تعريف الكفاية إلى عينة من الوضعيات و إلى ما يمثل التحكم أخذا بعين الاعتبار النتائج المنتظرة والاكراهات والقواعد الواجب احترامها.

ولكن يظل تحديد الكفايات غير مستوف للشروط إذا ما لم نعرف الموارد المعرفية التي يتم اللجوء إليها، وهي موارد مختلفة منها:

1- المعارف المعبر عنها أو المعارف التي تعمل كنماذج للواقعية والمعارف الإجرائية والمشروطة والمعلومات.
2- القدرات وتتمثل في المهارات والقدرات.
3- المواقف وتشمل القيم والمقاييس والقواعد المستدمجة والعلاقة بالمعرفة والفعل والغير والسلطة.

- الكفاية، حسب بيرنو، هي المعارف التي ترجع إلى الوضعيات المعقدة التي تمكن من تيسير المتغيرات غير المتجانسة التي تسمح بحل المشكلات التي تخرج عن إطار وضعيات ترجع حسب الابستمولوجيا إلى مادة واحدة.

فتكوين الكفايات يفرض "ثورة ثقافية صغيرة" من أجل المرور من منطق التعليم إلى منطق التدريب على أساس مسلمة بسيطة: الكفايات تتأسس عن طريق مواجهة وضعيات معقدة غير مألوفة: "التعلم يكون بفعل لم نكن نعرف القيام به من قبل".

فليب بيرنو، بناء الكفايات انطلاقا من المدرسة.ت. لحسن بوتكلاوي. منشورات عالم التربية.مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء 2004.ص28.

و يرى فليب بيرنو بأن المقاربة بالكفايات تحمل الطاقم المدرس على العمل بوضعيات-مشاكل في إطار بيداغوجيا المشروع، وفي الوقت ذاته تتطلب من التلاميذ بأن يكونوا نشيطين ومنخرطين في تعلماتهم(...) ففي بيداغوجيا تتمحور على المعارف تكون وظيفة التلميذ (تعاقده) هي الاستماع ومحاولة الفهم والقيام بواجباته بدقة وإعادة تعلماته في إطار اختبارات معرفية: قلم- ورقة (...).

ففي بيداغوجيا الوضعيات-المشاكل سيكون دور التلميذ هو التورط والمشاركة في مجهود جماعي لإنجاز مشروع وبنفس المناسبة في كفايات جديدة.

سيكون له الحق في المحاولات والأخطاء، وهو مدعو ليعطي جانبا لشكوكه وإظهار حججه والوعي بطرق فهمه والتواصل.
سنطلب منه بطريقة ما، في إطار مهنته كتلميذ، أن يصير ممارسا للتأمل.
كما ندعوه كذلك للممارسة الدائمة للمتا-معرفي والمتا- تواصل.

إن تعاقدا مثل هذا التعاقد يتطلب أولوية التماسك والاستمرارية من قسم لآخر ومجهودا لا يكف عن التوضيح وتطبيق قواعد اللعب، والمرور بقطيعة مع المنافسة والفردانية مما يحيل إلى صورة التعاون بين الكبار والتباين الممكن بين الثقافة الاحترافية الفردية للمدرسين والدعوة المقدمة للتلاميذ للعمل جميعا(...).

إنه لمن النادر العثور على وضعية- مشكل تغذي تعلما واحدا، وتقريبا من النادر كذلك أن التعلمات المعنية تعود لتخصص واحد(...) إن المقاربة بالكفايات تغير مكانة المعارف في التعليم.

فعوض احتلال القطار كله ستصبح المعارف موارد لحل مشاكل (...) إننا نمس هنا شكلا من "الثورة الثقافية".

فمن أجل أن تخلق وضعية-مشكل الحاجة إلى المعرفة يجب تصورها بشكل مغاير عوض التصور الذي يجعلها كتمرين مدرسي كلاسيكي(...) هكذا نرى بشكل واضح بأنها تحيل على إبستيمولوجيا أخرى وعلى تمثل آخر لبناء المعارف في الذهن الإنساني(...).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال