الإنتاج الثقافي بين الجمود الدائم والحركية الطارئة.. الركود المسرحى يؤثر على التمثيل وعلى وظائف فنية اخرى مثل الاضاءة والصوت والملابس والديكور

لا أجد في الحوارات التي تجريها الصحف والمجلات مع الفنانين الا الشكوى من ركود الحالة المسرحية وقبل ذلك ركود حركة الانتاج الدرامى صحيح ان الانتاج الدرامى يتحرك احيانا قبل شهر رمضان المبارك بسبب الحاجة الى وجود المنوعات القصيرة على مائدة الافطار ولكن من قال بأن هناك حاجة الى ذلك ? المهم ان حركية الانتاج تصاب بالضجيج والعشوائية قبل شهر رمضان لان الجميع يريد أن يعمل ليس من أجل العمل الفني ولكن بسبب الحاجة الى المال أو يمكن القول بدافع الحصول على فرصة لاتعوض إلا قبل رمضان وليس بعده.
احيانا تتحرك الدراما بسبب هذا الشهر ويظهر مسلسل أو اكثر او تظهر سهرات مفردة أو يظهر مسلسل منوع وكل ذلك فائدة لان العمل خارج رمضان يكاد يتوقف.
غير ان الحالة المسرحية لها وضع مختلف هناك ركود مسرحى واضح لاتوجد مهرجانات مستقرة سنوية تبحث عن الجديد والجهد لاتوجد عروض وقبل ذلك اهملت المسارح ولا وجود لمسرح صالح لتقديم مسرحية.
ان الركود المسرحى يؤثر على التمثيل وعلى وظائف فنية اخرى مثل الاضاءة والصوت والملابس والديكور ولايوجد مثل المسرح بوابة يمكن ان تصنع قاعدة للفنون بما فيها الموسيقى والرقص والغناء.
لا أقصد المبالغة لكنها الحقيقة فرغم وجود المرئية وكثرة القنوات وانتاج برامج المنوعات إلا أن المسرح يعد مدرسة تدريبية مهمة قدرة على تقديم العناصر الفنية بشكل مستمر.
وعندما يتحدث الفنانون عن الركود المسرحى يقصدون المسرح الجيد والنوعي ولا يقصدون مسرح التهريج الكوميدى بالطبع.
رغم ذلك يبقى المسرح الكوميدى الخفيف نوعية يقبل عليها الجمهور وهي نوعية غير متواصلة على مسارحنا وليس كما يتصور البعض واهما.
هناك مسرحيات تظهر بين الحين والآخر لغرض المشاركة الخارجية وهي مسرحيات معتمدة على العلاقات العامة وتبقى ظواهر فردية محدودة.
ان المسرح باشكاله المختلفة الواقعي والتاريخي والغنائى والاستعراض والاجتماعي الناقد واقول المسرح العالمي ايضا ان هذا المسرح نحتاج اليه ونسعى الى تواصله واستمراره والغريب اننا لانجد ما نعا ولا عذرا ولامبررا لهذا الركود فأين ياترى جوهر المشكلة?
ننتقل إلى نقطة أخرى على نفس الوثيرة ومن الركود المسرحى إلى الركود الغنائى فقد اختفت فجأة ألوان الاغنية الليبية المتعددة وصارت الاغنية لونا واحدا تقريبا ،وإذا اهملنا الغناء الشعبي قليلا وهو الغناء الذى نجده قد تراكم فى الافراح يغنى الأغاني الشرقية والغربية ويغنى أغانى الخليج العربي والأغانى الهندية وبذلك نفعه خارج السياق كما قلنا اذا اهملنا هذا النوع وهو لايهمل فإن اللون الوحيد الذى نسمعه تقويباً هو الغناء البدوى أو غناء الصحراء أما باقي ألوان الأغنية الليبية فقد اختفت تقريباً ولاتظهر الا أغنية أو اكثر في كل سنة.
واذ نستمع لبعض المطربين مثلا نجد على لسانهم الشكوى في الغناء في نمط معين وكذلك نجد شكوى من ضعف مستوى اللحن والكلمة وضعف الأداء وضعف الفرق الموسيقية وعدم وجود انتاج غنائى.
وبالطبع لايقصد بهذا القول بأن الاغنية الليبية كانت متطورة ومتقدمة ثم تراجعت فالحقيقة ان الأغنية تعانى من نفس المشكلات ولكن زادت حدة هذه المشكلات مع مرور الأيام.
ان المقارنات التي تعقد مع الأغانى العربية تزيد من فعالية المشكلة وسوف نرى في المهرجان الغنائى الذى انعقد مؤخراً في مصر خير دليل على ذلك في هذا المهرجان والذى انتهى منذ ايام وزعت جوائز كثيرة على معظم الضيوف بحجة النجاح في الكلمة او اللحن أو الغناء أو التوزيع ولم تتحصل المشاركة الليبية على أيه جائزة.
لاشك ان المؤسسات والهيئات المحلية مقصرة في الحركة الخارجية والتعامل مع المهرجانات العربية على دون وجه التحديد ولكن سوف نجد ان لدينا تسرعا في اختيار نوع المشاركة ومستواها واحيانا نجد أن الاختيار تتحكم فيه مصالح معنية أو يخدم اطرافا دون غيرها وهكذا يتسلل الضعف الى الأغنية المختارة بطريقة أو بأخرى.
لايعنى ذلك ان هذا الضعف قاعدة ولكنه يحدث وبشكل مستمر ولايمكننا ازاء ذلك ان نلوم الاخرين بقدر ما نلوم أنفسنا.
ليس هناك من سبيل سوى البحث عن الحلول بمعرفة جوهر لمشكلة الأغنية بصرف النظر عن الظواهر البراقة الزاهية والمخادعة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال