قربان النار والدخول في اتصال مع الألوهية من خلال كائن حي يتم تدميره خلال الحفل بالذبح أو بالحرق.. التبخر ببعض الحيوانات الصغيرة بعد رميها حية في لهيب المجامر

قربان النار والدخول في اتصال مع الألوهية:

بالنسبة الى عالمي الاجتماع الفرنسيين اوبي وموس فإن القربان هو وسيلة للدخول في اتصال مع الالوهية من خلال كائن حي يتــم تدمــيره خلال الحفل ويكون هذا التدمير اما بالـذبح كما رأيــنا كما قد يكون بالحرق حــيث عرفت الحضارات البشرية منذ القدم عادات تقديم القرابين البشرية والحــيوانية لكننا لم نعثر على ما يفيــد بوجود ظــاهرة تقديم القرابين البشرية في المغــرب، خلال أي عصر بيــنما كانت قــرابين النار من الحيوانات شائعة على نحو علني وجماعي خلال بعض المناسبات ولا نعـلم ان كانت تمارس حتى اللحظة الراهنة في بعض المناطق ولعلنا نجد في الطقوس السحرية التي تتضمن التبخر ببعض الحيوانات الصغيرة بعد رمــيها حية في لهيب المجامر كالحرابي جمع حرباء والعقارب وغيرها والتي مازالت تمارس على نطاق واسع اشكالا متأخرة لكن فردية وخفية لقرابين النار التي كانت في السابق جماعية وعلنية ثم انقرضت من مجتمعنا.

قط متوحش ودجاجة بيضاء:

لقد ارتبطت قرابين النار في بلادنا ببعض المناسبات التي يتم خلالها إشعال نيران المباهج مثل العنصرة ومن امثلة قرابين النار التي ذكرها لاوست عند قبائل جبالة في الشمال الغربي كانت ترمي جثــة قط متوحش في الغــابة.
اما قبائل بني كيل بالمغرب الشرقي فكان افرادها الرحل يحرقون دجــاجة بيضاء خلال نفس المناسبة.
ويقول وستر مارك انهم كانوا يحرقون ديكا أبيض في خيامهم وان ذلك الــطقس كان هو كل احتفالهم بالمناسبة الدينية.
اما في مدينة سلا فإن النــاس كــانوا يحرقون طائر البوم في النار بينما في تزروالت في سوس جنوب المغرب كانوا يرمون للنيران بعض الأسماك.

خصائص سحرية للدخان:

وفي تفسير هذه العادات الغريبة لم يكتب الشيء الكثير لكن حسب وستر مارك دائما فإن الدخان المنبعث من جــثث الحيوانات يطهر في اعتقاد الناس - من التأثيرات الشريرة، وينقل البركة ولــذلك كانوا يعتبرون قرابــين النــار مفــيدة للزراعة ولقطعان اغنامهم.
أما عالم الاجتــماع الفــنلندي منهاردت فيستنتج من دراسته للــظاهرة ان لذلك الدخان خصائص سحرية.

قربان الحلزون:

ولعل من اغرب قرابين النار التي عرفها المغاربة قربان الحلزون الذي كانت تقــدمه بعــض قبــائل الاطلس الكبير لنيرانها. فحسب لاوست دائما كانت قبائل آيت ايسافن تبدأ احتفالاتها بالمناســبة الدينية بذبــح بقرة على عتبة المسجد، ويحمل دمــها ليراق في المكــان المخصص لنصب الموقد المقدس او الشعالة، وفي اليوم التالي تذهب الفتــيات لجمع الحطب اللازم في الغابة، بينــما ينصــرف الفــتيان من جهــتهم لالــتقاط الحلزون الذي سيحتفظون به الى غاية اليوم الاخــير من احتفالاتهم.

وعنــدما تخــبو النيران في اللــيلة الاخيــرة وتوشــك ان تنطفئ يتقدم فتــيان القبــيلة نحوها ليــرمي فيــها كــل واحد منهم حفــنة من الحلزون، وهم يرددون باللهــجة المحـلية «مـونات دلباس نون» أي انهم يحــملون الحــلزون كل شرور سنتهم المقبلة ليدمروها في النار ويتخلصوا منها.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال