أهمية التواصل وعلم النفس التربوي بالنسبة للمدرس (ثقافته).. التواصل الأفقي مع تلامذته وقدرته على التعامل مع المتعلمين متعددي الثقافات والأجناس والميولات

إن عملية التدريس لا تعتمد على المساعدات الخارجية التي توهب لها من مختلف فروع العلم الإنساني فحسب، بل يجب على صاحب هذه المهنة أن يفهم مهمته وواجباتها وأن يسعى لتزويد نفسه بكل الوسائل التي تمكنه أن يقدم مساعدة ايجابية لتحقيق واجبات مهنته على أكمل وجه ممكن.

ولاشك أن علم النفس التربوي يمكنه أن يساعد المدرس في هذه الناحية، ذلك أن فهم العوامل المختلفة المؤثرة في عملية النمو وإدراك أثر العوامل الخارجية (منزل الطفل، شروطه الاقتصادية، وضعه الاجتماعي، طبيعة العلاقة بين الأبوين وبينهما وبين الأطفال...) في النمو التربوي تساعد على ممارسة الإشراف على هذه العملية بنجاح وتوجيهها الوجهة المناسبة كما أن فهم مشكلات علم النفس التربوي تساعد في استغلال نشاط التلاميذ، وفي تقييم أعمالهم وفي توجيههم توجيها مهنيا مناسبا.

وبعبارة أخرى إن فهم النمو التربوي من حيث أنه عملية تعتمد على الفروق الفردية، ونتوسل إلى تحقيقها بطرق تعلم جيدة ونقيسها بمقاييس مختلفة، هادفين من هنا كله إلى السعي لتحقيق نوع من التوافق بين الفرد ومنجمه الخارجي، وإن الفهم خير مساعد لتحقيق عملية التنشئة الاجتماعية وإعداد جيل صالح لتولي مسؤوليته في المجتمع.

يقول الدكتور أحمد زكي صالح: "نحن جميعا من آباء ومربين ومدرسين نخطأ في تفهم عقلية الطفل والحكم عليه حين نعتبره صورة مصغرة للرجل يفكر كما يكفر الكبار ويشعر كما يشعرون ونزداد خطأ حين نرغمه على قبول مبادئنا وأخلاقنا فهو مختلف لأنه يرى ولا يدرك ويسمع ولا ينصت، يتكلم ولا يحسن التعبير عما يفكر فيه ويصدق ولا يعرف معنى الفضيلة، ويكذب ولا يعرف معنى الرذيلة".

ويقول دمفيل: "إن ألزم ما يكون للمدرس إن أراد أن يحدث في نفسية التلميذ وعقليته وشخصيته الأثر الحسن الذي ينشده. أن يدرس قواعد السلوك الطبيعي" أي علم النفس.

 كما يقول فريمان: "إن أقل ما يستفيده المدرس من دراسته الطفولة والفوارق الفردية بين الأطفال هو فهم الصعوبات التي تعترض التلاميذ، وأحسن الطرق للتغلب عليها، وكيف يصوغ طرق التدريس حتى تتلاءم كل متعلم".

من هنا نجد أن مهمة المعلم أو المدرس لا تقتصر على استيعاب وفهم المادة الدراسية والعلمية وإعطائها وتمريرها للمتعلم والطفل فحسب، وإنما يجب عليه أن يأخذ بعين الاعتبار ذاتية الطفل وفرديته ونوع الجماعة التي يعيش فيها ويطلع بكيفية عميقة على مراحل نضجه ونموه الحركي والجسدي والعقلي والحسي، لتحسين العملية التعليمية التربوية، والارتقاء بها إلى الأهداف المنشودة والمسطرة من طرف المجتمع وبذلك يكون المدرس عبارة عن مربي ومدرس في نفس الوقت فهو الذي يملك التوجيه لنتائج العوامل المؤثرة في النمو التربوي توجيها يتفق ومصالح المجتمع واكتمال نمو شخصية الطفل، كما أنه يعتبر المسؤول عن استشارة النمو التربوي فهو المكلف بتعدد خبرات الطفل واستشارة مواهبه واستعداداته.

ويرى بعض الباحثين أن أهم سمات المدرس الناجح في التواصل الأفقي مع تلامذته وقدرته على التعامل مع المتعلمين متعددي الثقافات والأجناس والميولات كما انه لا تتحقق المردودية الايجابية للتعليم إلا إذا توفرت للمدرس مجموعة من الخبرات والكفاءات ليس فقط في مجال تخصصه وطرق التدريس ولكن أيضا فيما له علاقة بالمجال التربوي من علوم إنسانية واجتماعية.

وعليه كذلك أن يطلع على كل التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الوطنية والدولية وعلى كل جديد ومستجد في العلم والمعرفة وان يكون ملما بتقنيات القيادة ومبادئها بمعنى أن يصبح المدرس كموسوعة شاملة تلبي جميع حاجات التلميذ .لكن هل إعداد المدرس يكفي في العمل التربوي وفي التنشئة الاجتماعية لأطفالنا ام هناك أطراف لها دور فعال بجانب المدرس؟
أحدث أقدم

نموذج الاتصال