لقد أضحى تحقيق الجودة في مجال التربية والتكوين من أهم الرهانات التي تعلق عليها الأمم طموحاتها لتحقيق التنمية الشاملة وذلك باعتبار التربية والتكوين يشكلان رافعة أساسية للتنمية وإحدى شروط وضمانات التنمية المستدامة.
وقد اهتم الميثاق الوطني للتربية والتكوين بالجودة كأحد الدعائم الأساسية للإصلاح إلى درجة إفراد أحد مجالاته الست للحديث عن الرفع من جودة التربية والتكوين واشتمال هذا المجال على ست دعامات، وهو ما يمثل ثلث دعامات الميثاق مركزاً على "دور المحتوى والمناهج والمكونات البيداغوجية والديداكتيكية لسيرورات التربية والتكوين في تحقيق (هذه) الجودة".
ورغم أنه أشار إلى دور باقي دعاماته في بلوغ جودة المنظومة التربوية، فإنه لم يقترح منهجية مضبوطة وواضحة المعالم لتحقيق ذلك، وترك الأمر للقطاعات المعنية بأجرأته للقيام بذلك.
لكنه نص صراحة في مادته 13 على "التزام الدولة بالعمل على وضع معايير وأنماط للجودة في جميع مستويات التربية والتكوين وبتشجيع كل الفعاليات المسهمة في مجهود التربية والتكوين على الرفع من جودته ونجاعته".
من هذا المنطلق، تتوخى هذه المرجعية إعطاء الانطلاقة لصيرورة عمل غايتها إرساء ثقافة الجودة عبر تطبيق منهجية الجودة وتدبيرها بمؤسسات التربية والتكوين.
وترتكز هذه المرجعية على تعريف الجودة وتدبيرها، الذي تمت صياغته باستحضار التعريفات التي حددتها منظمات دولية مثل اليونيسيف واليونسكو وباعتماد المعايير الدولية لتدبير الجودة (الإيزو)، والذي يفيد أن الجودة الشاملة "طريقة في تدبير المؤسسة محورها الجودة، وأساسها مشاركة جميع الأطراف وهدفها النجاح على المدى البعيد من خلال إرضاء جميع الأطراف المعنية وتحقيق المنفعة لجميع أعضاء المؤسسة والمجتمع ".
أما تدبير الجودة فهو "مجموع الأنشطة المنسقة التي تمكن من توجيه وضبط الجودة داخل المؤسسة".
وإذا كان هذا التعريف المشتق من مجال المقاولة قد استمد قوته من تطبيقاته الناجحة داخله، فإن نقله لمجال التربية والتكوين وتطبيقه به، استوجب تحليل المفهوم على ضوء خصوصيات هذا الأخير من أجل حصر محددات الجودة في مجال التربية والتكوين والعوامل المؤثرة فيه وبالتالي ضبط معايير تتوافق وتتلاءم مع تلك الخصوصيات.
وفي هذا الصدد، كان لابد من اعتماد تعريف يمنح للمفهوم معنى موحداً وقابلية للقياس من خلال معايير محددة ودقيقة تغطي مختلف مناحي المجال وتأخذ بعين الاعتبار كل الخصوصيات الدالة.
التسميات
جودة تربوية