الإعلام وسيطرته على الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية وتأثيره على الحالة الدينية عند الناس

إن الإعلام في عصرنا الحاضر يختلف اختلافاً كلياً عما كان عليه في السابق من حيث قوة الانتشار وكثرة الجمهور وتطور الوسائل مما يجعله أمراً ذا بال في التأثير على حياتنا وتشكيل ثقافتنا وذلك لسيطرته على الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية بل هو مؤثر على الحالة الدينية عند الجمهور المستهدف.
وهنا تكمن خطورته أو تتجلى فائدته وذلك بحسب القائمين عليه وبحسب حريتهم في جمع الرسالة الإعلامية وتوجيهها. وفي عصرنا الحاضر نجد وسائل الإعلام في حرياتها على طرفي نقيض من هذا الأمر فوسائل الإعلام في الدول الشيوعية أو الدول المتسلطة لا تملك إلا أن تكون ترساً يدور في آلة الحزب أو الحكومة مسلوبة حريتها لا تعرف إلا ما يعرف القائمون عليها.
أما وسائل الإعلام في الدول الرأسمالية والتي تتبنى نظرية الحرية فهي تهوي في أخطار الانحلال الخلقي وتمييع القيم، لا يوجهها إلا مصالح ملاكها وهي مع تبنيها للحرية الإعلامية إلا أنها في حقيقة الأمر ليست إلا حرية نسبية تتحكم فيها مصلحة رأس المال الممول لها حتى لو كان ذلك على حساب المتلقي. إذاً وعند كلا الجهتين لا توجد حرية مطلقة لوسائل الأعلام بل هي حرية نسبية عند كلا الطرفين. وبما أن الحرية الإعلامية هي في الواقع حرية نسبية فإن خير من يضع لها الأطر المناسبة والضوابط المحكمة هو كتاب الله سبحانه تعالى وذلك لضمان عدم حصول نتائج عكسية لها، ولأن الحرية الإعلامية ممارسات بشرية فإن لها طرفين بين مؤثر ومتأثر لذلك يجب إخضاعها لأحكام القرآن وتوجيهات الإسلام كما أمرنا الله عز وجل.
كما أنه ليس من الممكن أن نطلب من وسائل الإعلام أن تتحول فجأة إلى وسائل إعلام إسلامية هذا أمر في غاية الصعوبة الآن ولكن من الممكن إن نطلب من الوسائل الإعلامية الالتزام بضوابط عامة نستقيها من القرآن في خصوص  تعاملها مع المصادر لاستقاء المعلومات أو مع الجمهور لتوجيه الرسالة الإعلامية أو في حسن اختيار المسؤول الإعلامي. وهي خطوة مهمة لابد أن تكون الأولى نحو تحقيق إعلام إسلامي واقعي.
وإن من ينظر إلى رغبة وسائل الإعلام في أن تحوز على رضا الجمهور أو الوالي أو الحزب أو طبقة مميزة من الشعب يدرك أن الحصول على رضا طرف ما سيكون على حساب أطراف أخرى، وذلك في ظل الأطر والنظريات الموجودة والمتحكمة في وسائل الإعلام في الوقت الراهن.
وبما أننا نقطع بعصمة توجيهات القرآن وعدم تطرق التناقض إلى أحكامه. وأن العدل والمساواة مما تميز به ديننا الحنيف, فإنه من الضروري إنزال أحكام القرآن (أحكام الحلال والحرام) على حرية وسائل الإعلام لنحقق أصلي الحرية وهما العدل والمساواة . كما أنه مما يزيد هذا الموضوع أهمية هو إبراز وجه هداية القرآن الكريم للبشرية في جميع أمورها ومستجد اتها حتى لا يقول قائل في معرض دفاعه عن الأنظمة الوضعية (انتم أعلم بأمور دنياكم) فهي ولا ريب كلمة حق يراد بها باطل.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال