الحرص على تلمس حاجات المجتمع من الأفراد والضعفاء وحل مشكلاتهم وإعطاء ذلك الأولوية في جمع الرسالة الإعلامية.
ولنا في كلام الله وفعل رسوله أسوة حسنة وقد استنبط هذا الضابط من قصة المجادِلة التي جادلت رسول الله في زوجها واشتكت إلى الله أمرها.
قال تعالى: "قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ"([45]).
فهذه المرأة كبيرة السن حين جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشتكي حالها وتعرض مشكلتها إستمع لها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسمع الله شكواها من فوق سبع سماوات وأنزل جوابها وحل مشكلتها.
وإذا كان الله قد سمع هذه المرأة الضعيفة وأتى الوحي سريعاً بأمرها وافتتحت السورة بقضيتها وسميت السورة باسمها، ففي هذا إيحاء بأن يهتم رجال الإعلام بقضايا المجتمع ويرفعوا صوت الضعفاء ويسارعوا في المساعدة لحل المشكلات الاجتماعية والأحوال الخاصة بدل أن يتجهوا نحو تتبع العثرات وإيذاء المؤمنين في دينهم ودنياهم.
وقد استوعب عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا الإيحاء فكان إذا أتت إليه هذه المرأة وهي خولة امرأة أوس بن الصامت، جنح إليها ووضع يده على منكبها وناجاها طويلاً، ثم يقول أتدرون من هذه؟ هذه خولة بنت ثعلبة، سمع الله قولها من فوق سبع سماوات، فوالله لو قامت هكذا إلى الليل لقمت معها إلا أن تحضر صلاة، فأنطلقُ فأصلي ثم أرجع إليها([46]).
أما أن يُسمع لاصحاب الجاه والغنى وأصحاب السلطة ويهمل جانب الفقراء والضعفاء فهذا ما لم يأت به القرآن ولم يرضه الله. وهم الأحوج إلى إسماع صوتهم وحل مشكلاتهم وهذا هو واجب الإعلامي الذي بيده وسائل الإعلام لإمساكه بزمام الكلمة والتزاماً بتوجيهات القرآن الكريم.
وبعد ذكر ضوابط جمع الرسالة الإعلامية والتي تضبط عمل المراسل الإعلامي وتحمي حقوق الآخرين، وحتى تكتمل دائرة عملية الاتصال الناجح، فإننا سننتقل إلى ضوابط أخرى تتعلق ببث ما جُمِعَ من مادة إعلامية.
([45]) سورة المجادلة، الآية 1.
([46]) ابن العربي، أحكام القرآن، ج4 ص139- 140.
التسميات
حرية إعلامية