قضية حقوق الإنسان في الجزائر.. خنق الحريات الفردية وتردي الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية

عندما كان حكام الجزائر "يُطبلون و يُغيطون" مستغلين نازلة الانفصالية "أمينتو حيدر" نسوا أو تناسوا وضعية حقوق الإنسان الكارثية على تراب الجزائر وانكواء شعبها الشقيق بنيران انتهاكها والدوس عليها، بما فيها الحق الأصلي الذي تفرعت عنه باقي الحقوق، الحق في الحياة.
و قد انتبه الإعلاميون الجزائريون الأحرار و الشرفاء إلى هذه المفارقة، إد أجمعوا على القول:" ملف وضعية حقوق الإنسان كارثية في الجزائر و النظام يدافع عن أمينتو حيدر في حين ينتهك حقوق أكثر من 35 مليون مواطن جزائري..." .
و فعلا لقد قال القدامى "شر البلية ما يضحك. فالجزائر تُحكم منذ 1992 بقانون الطوارئ – أي بلا قانون – رغم وجود دستور ونصوص واضحة الفحوى و المضمون تلزم الحُكام باحترام مبدأ الحقوق و الحريات العامة، و على رأسها الحق في الحياة.
فكيف هي وضعية حقوق الإنسان بالجزائر؟ و هل الشعب الجزائري الشقيق راض عنها؟
إذا كان بيتك من زجاج فلا تقذف بيت جارك الإسمنتي بالحجر
على امتداد عقدين، مرّت حقوق الإنسان بالجزائر من وضعية الانفتاح في التسعينات إلى وضعية التقهقر و خنق الحريات الفردية والجماعية حاليا.
و تتميز هذه الوضعية عموما بالتردي، سواء كانت الحقوق سياسية و مدنية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية أو بيئية.
ففي المجال السياسي، مازال التضييق على الحريات السياسية و المدنية و على أنشطة الأحزاب السياسية و تحركات القائمين على أمورها. هده هي السيمة البارزة الآن على الركح السياسي الجزائري إلى أن أضحت الساحة السياسية شبه فارغة بفعل إصابتها بما أسماه البعض بـ"التصحر السياسي".
في ظل هذه الأجواء طغى- و لايزال – الخطاب الممجد للرئيس و الجنرالات و السلطة و "إنجازاتها الضخمة"، في حين أُ ُغلقت أبواب الحوار السياسي بفعل الإصرار – غير المبرر و التعسفي- على عدم الترخيص للأحزاب السياسية الجديدة للنشاط و المشاركة في اللعبة السياسية على علّتها. فهناك عشرات الطلبات التي رفضت على امتداد أكثر من 10 سنوات، لأسباب تافهة امتعض لها الجزائريون. فبخصوص طلبات إحداث أحزاب جديدة أودعت في مكتب وزير الداخلية منذ أكثر من عقد من الزمن، صرح نور الدين يزيد زرهوني (وزير الداخلية) أنها – كلّها – تُعتبر ملفات ناقصة و غير مستوفية الشروط، لذلك لا يمكن قبولها، علما – يقول أحد الصحفيين الجزائريين – أنّ وزارة الداخلية لم يسبق لها أن أخبرت مودعي تلك الطلبات بفحوى النقص الذي شاب ملفاتهم أو ما شابه ذلك، و هذا عذر أقبح من الذنب. و يضيف قائلا.. لولا حرية التعبير التي فرضتها بعض الصحف المستقلة عبر نضالها المستميت و تضحياتها الجسام لما توفر للجزائر متنفس لهامش ضيق للمعارضة التي مازالت تعاني الأمرين، و لكانت وضعية حقوق الإنسان عندنا أسوأ بكثير مما كانت عليه إبان عهد النظام الأحادي المغلق في سبعينات و ثمانينات القرن الماضي.
و في المجال الاجتماعي و الاقتصادي، و بشهادة المتتبعين الجزائريين و الأجانب، تعيش الجزائر أوضاعا اجتماعية متردية تزداد سوءا عاما بعد عام رغم الأموال الطائلة و البحبوحة المادية التي يسبح في براثينها الحكّام و المقربين لهم و من يسبحون في فلكهم، و رغم الثروات المهمة التي يحضى بها الشعب الجزائري الشقيق، إسما و ليس تصرفا. و هذا ما أدى ، في السنوات الأخيرة، إلى تناسل احتجاجات و إضرابات في مختلف القطاعات قصد المطالبة بتوفير الشروط ، الحد الأدنى، الملائمة للعيش الكريم و الضامن لكرامة الإنسان ، لأن الغلاء الفاحش و الأجور الزهيدة جعلت فئات واسعة من الشعب الجزائري تفتقد هذه الشروط منذ مدة طويلة رغم استمرار انسشياب صبيب النفط. و مما يزيد الطين بلةتكريس مبدأ عدم معاقبة المئؤولين الفاسدينو السكوت على جرائمه الاقتصادية و المالية و الجنائية، من اختلاسات و اعتداءات و انتهاك الحقوق و نهب و استغلال الموقع و إثرا غير مشروع على حساب الصالح العام.
أما في المجال الثقافي، بكلمة و دون إطناب، لازال حكّام الجزائر يتبعون سياسة النعامة بخصوص التعاطي مع إشكالية التعددية الثقافية للمجتمع الجزائري، إذ مازالوا يكرسون سياسة القمع و التنكيل للتصدي لمختلف المطالب في هذا المجال.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال