أدب الجار لبناء المجتمع المسلم وتوثيق الصلات بين أفراده

المجتمع المسلم كيان واحد مترابط هكذا يريد الله -سبحانه وتعالى - للمجتمع أن يكون، قال تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا} (36) سورة النساء.

وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»[1].

"والجار في الإسلام مكرم أيّما إكرام، محترم أيّما احترام، فقد أوصى الرسول (ص) به وندب الأطفال الصغار لاحترامه،كما طالب الإسلام الآباء أن يورثوا حب الجار لأطفالهم وأن يتجنبوا أذاهم على نحو مقصود وغير مقصود بأي صورة من الصور."[2]

عَنْ عَمْرَةَ، أنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِِ (ص) يَقُولُ: مازَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ انَّهُ لَيُوَرِّثَنَّهُ.[3]

"وعلى الجار كف الأذى عن الجار كالزنى والسرقة والشتم وعليه حماية جاره بالإحسان له ورفع الضرر عنه، واحتمال أذى الجار والصفح والحلم إليه "[4]

وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ (ص) قَالَ: "مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ دُونَ جَارِهِ مَخَافَةً عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ فَلَيْسَ ذَاكَ بِمُؤْمِنٍ، وَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ مَنْ لَمْ يَأْمَنْ جَارُهُ بَوَائِقَهُ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْجَارِ: إِذَا اسْتَعَانَكَ أَعَنْتُهُ، وَإِذَا اسْتَقْرَضَكَ أَقْرَضْتَهُ، وَإِذَا افْتَقَرَ عُدْتَ عَلَيْهِ، وَإِذَا مَرِضَ عُدْتَهُ، وَإِذَا أَصَابَهُ خَيْرٌ هَنَّأْتَهُ، وَإِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ عَزَّيْتَهُ، وَإِذَا مَاتَ اتَّبَعْتَ جِنَازَتَهُ، وَلَا تَسْتَطِيلُ عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ تَحْجُبُ عَنْهُ الرِّيحَ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تُؤْذِيهِ بِقُتَارِ قِدْرِكَ إِلَّا أَنْ تَغْرِفَ لَهُ مِنْهَا، وَإِنِ اشْتَرَيْتَ فَاكِهَةً فَاهْدِ لَهُ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَأَدْخِلْهَا سِرًّا، وَلَا يَخْرُجُ بِهَا وَلَدُكَ لِيَغِيظَ بِهَا وَلَدَهُ، أَتَدْرُونَ مَا حَقُّ الْجَارِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَبْلُغُ حَقُّ الْجَارِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ رَحِمَ اللهُ".

فَمَا زَالَ يُوصِيهِمْ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ (ص):" الْجِيرَانِ ثَلَاثَةٌ: فَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ حَقَّانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ حَقٌّ، فَأمَّا الَّذِي لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ فَالْجَارُ الْمُسْلِمُ الْقَرِيبُ لَهُ حَقُّ الْجَارِ، وَحَقُّ الْإِسْلَامِ، وَحَقُّ الْقَرَابَةِ، وَأمَّا الَّذِي لَهُ حَقَّانِ فَالْجَارُ الْمُسْلِمُ لَهُ حَقُّ الْجِوَارِ، وَحَقُّ الْإِسْلَامِ، وَأمَّا الَّذِي لَهُ حَقٌّ وَاحِدٌ فَالْجَارُ الْكَافِرُ لَهُ حَقُّ الْجِوَارِ" قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، نُطْعِمُهُمْ مِنْ نُسُكِنَا، قَالَ: "لَا تُطْعِمُوا الْمُشْرِكِينَ شَيْئًا مِنَ النُّسُكِ"[5]

وقال عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، فِي قَصَصِهِ: كَانَ يُقَالُ: "مِنْ حَقِّ الْجَارِ عَلَيْكَ أَنْ تُعَرِّفَهُ مَعْرُوفَكَ،وَتَكُفَّ عَنْهُ أَذَاكَ، وَمِنْ حَقِّ الْقَرَابَةِ أَنْ تَصِلَهُ إِذَا قَطَعَكَ، وَتُعْطِيَهُ إِذَا حَرَمَكَ، وَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالْعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلَى الْعُقُوبَةِ، وَإِنَّ أَنْقَصَ النَّاسِ عَقْلًا مَنْ ظَلَمْ مَنْ هُوَ دُونَهُ"[6]

[1]- صحيح مسلم- المكنز - (6751).
[2]- حلبي، عبد المجيد طعمه، التربية الإسلامية للأولاد منهجاً وهدفاً وأسلوباً،ص 117.
[3]- أخرجه الجماعة المسند الجامع - (20 / 243)(16962).
[4]- سهام مهدي جبار، الطفل في الشريعة الإسلامية ومنهج التربية النبوية، ص322-325، باختصار.
[5]- شعب الإيمان - (12 / 105)(9113) ضعيف.
[6]- شعب الإيمان - (10 / 548) (7970) صحيح.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال