إشكالية المواطنة العربية بين الولاء والانتماء.. التضاد وعياً وسلوكاً بين العروبة والإسلام

لخطاب الانتماء والولاء في هذا الزمن العربي الصعب أهمّية كبيرة لقراءة الواقع على نحو موضوعيّ، يوظّف لوعي الذات ولتوجيه السلوك نحوَ بناء واقع قادر على مجابهة تحدّيات التكوين التاريخي للأمة العربية.

ولمّا كانت قضايا الانتماءِ والولاء، وطنياً وقومياً ودينياً، منبثقةً عن قضيّة الهوية فإنّ من اللافت كثيراً أنّ تكون أسئلة الهوية التي أثيرت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين قد عادت إلى دائرة الاهتمام العربي بعد مائة عام من النضال، تخلّلتها انتصارات لوعي العروبةـ ولا سيّما في الربع الثالث من القرن العشرين ـ قبل أن تتآزر، في الربع الأخير منه، انكساراتٌ قومية متتالية وتحالفاتٌ معادية واسعة، على استنهاض هويات كامنة، اتخذت من تلك الإخفاقات وسيلة للتشكيك في الهوية العربية وفي النضال العربي، وهي تهدف إلى تدمير العيش المشترك على نحو خطير جدّاً، يتجاوز التجزئة القومية ليصل إلى التفتيت القطري.

ولعلّ من أخطر تحديات الهوية القومية، بعد الخطر الصهيوني، كان في القرن الماضي، خطرَ التضاد وعياً وسلوكاً بين العروبة والإسلام، لذلك كان من المناسب جدّا أن تكون الاستجابة لتلك التحديات بعد ظهور النظام العولمي الجديد أنْ يُحتفل كثيراً في عقد التسعينيات بخطاب الهوية، ولا سيّما في دائرتي العروبة والإسلام.

وقد أدّى ازدياد أزمة خطاب الهوية العربية في مطلع القرن الحادي والعشرين إلى ضرورة تكثيف الجهود لوعي ما نحن عليه انتماءً وولاء، ولا سيّما في دوائر المشتغلين في الهمّ السياسي المباشر، وفي طليعتهم المنتمون إلى الأحزاب القومية، وفي مقدّمتها حزب البعث العربي الاشتراكي، لخصوصية تجربته في قيادة النضال القومي العربي ماضيًا وحاضراً، ولامتلاكه نظرية نضالية، وقدرة تنظيمية، وقيادة للدولة والمجتمع في سورية تؤهّله لمتابعة ذلك النضال.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال