إن التربية المنتجة عملية صعبة ومستمرة تحتاج إلى معايشة مـع المتربين، والتربية التي تعتمد على لقاء عابر أو جلسة أسـبوعية أو مـناسبة عامة ـ فقط ـ تربية فيها نقص وخـلل، ومن ثَمَّ لا يكون البناء متكاملاً.
فلا نستغرب بعد ذلك من تلك المخرجات المتذبذبة والمتهلهلة التي من أبرز سماتها الالتزام الأجوف.
والناظر في سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يجد أن قضية المعـايشة قـضية بـارزة فـي حـياته - صلى الله عليه وسلم - .
يـؤكـد هـذا المعـنى عبد الله بن شقيق ـ رضي الله عنه ـ عندما سأل عائشة ـ رضي الله عنها ـ: هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يـصلي وهـو قاعد؟ قالت: «نعم! بعدما حطمه الناس».
فقد كان - صلى الله عليه وسلم - يتصدى للناس، ويعايشهم، ويخالطهم، يستقبلهم ويودعهم، ويتحمل أخطاءهم؛ لذلك حطمه الناس، وأثَّروا في بدنه - صلى الله عليه وسلم - حتى أصبح يصلي جالساً، وأسرع إليه الشيب ـ بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم -.
ويؤكد هذا المعنى أيضاً حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ حيث قال: «إن كان رسول الله ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير: يا أبا عمـير! مـا فعـل النغير؟».
ويؤيد هذا المعنى أيضاً حديث سماك بن حرب؛ حيث قال: قلت لجابـر بـن سمــرة: كــنت تجالس رسـول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم! كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الفجر جلس في مصلاَّه حتى تطلع الشمس، فيتحدث أصحابه يذكرون حديث الجاهلية، ينشدون الشعر، ويضحكون، ويبتسم - صلى الله عليه وسلم -».
وحـسبنا في هـذه الورقات أن نلقي الضــوء على هذا المـفهوم التربوي المهم، وأنا مؤمن بأنها لن تشبع هذا الموضوع حقه، ولكن هي إشارات عابرة، وفتح باب للباحثين حول هذا المفهوم.
التسميات
التربية