مما لا شك فيه: أن العبادة رحمة للعبد، وعون على التصدي لكل سوء، وأنّ تركها خطر كبير، وكارثة شنيعة حلت به، وأزمة شديدة وقعت عليه.
فالصلاة، عماد الدين، تركها " أزمة" من دون سك.. بل ومن أكبر الأزمات التي تحل بالمسلم، لأن من عرف مكانة الصلاة في الإسلام، وفضلها وعظيم ثوابها، وأنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله، وأنها حق الله تعالى على عبده الذي خلقه.. وسوّاه.. ورزقه.. وأنعم عليه لما لا يحصى من النعم.. وأنها مناعة للمسلم ضد الفساد، لأنها تنهى المصلي عن الفحشاء والمنكر، فإنه يدرك قيمة هذه العبادة، وأهميتها في حياته وآخرته، فلا يتركها من بلوغه سنّ التكليف، حتى ياتيه الموت، عملا بقوله تعالى:{ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.
وبالمقابل: تظهر الأزمة الشديدة التي يقع فيها المسلم، إن هو ترك "الصلاة" عامدا، حيث يعرّض نفسه لغضب خالقه عز وجل، ولعقابه وعذابه، وسوء مصيره، وفي الوقت عينه، يجرّد نفسه من هذه الوقاية العظيمة، التي كانت تقيه الكثير من الفواحش والمنكرات، ويبقى عرضة للوقوع في كثير من الضلالات.
و"الزكاة"، التي هي "قنطرة الإسلام"، ودرع المجتمع المالي، أليس تركها أزمة؟؟.. بل كارثة..
إن من أحاط علما بمكانة "الزكاة" في الإسلام، ودورها في إسعاد المجتمع ومساعدته، يعرف قيمة هذا اركن العظيم من أركان الإسلام، ويعرف أيضا: أن منعها عن مستحقيها وأصحابها، هو عدوان على حقوق الفقراء، وسائر المستحقين للزكاة، وبخل بحق الله تعالى وعباده، وأكل لذلك الحق بالباطل.
وعندما نتذكر: أن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، عندما أصرّ على مقاتلة الذين ارتدوا عن الإسلام، عقيب وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أصرّ على مقاتلة الذين تركوا الصلاة ومنعوا الزكاة، وأعلن ذلك قائلا: "والله لأقاتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة.."، ندرك كم كان رضوان الله عليه فقيها، وكم كان علما خبيرا.
لقد كان الصّدّيق رضي الله عنه، يعلم: أن مجتمع الإسلام لا يقوم سليما، إلا بالصلاة والزكاة، وسائر أركان الإسلام، فلذلك أصرّ على قتال الجميع من دون هوادة، حتى أعاد الناس الى جادّة الصواب والحق، التي تركهم عليها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
أما "الصوم"، في شهر رمضان المبارك، ولمن شاء في غيره، فعبادة وطاعة، وقربة الى الله تعالى لا يعلم ثوابها إلا هو عز وجل، أفليس ترك الصيام في رمضان أزمة؟؟.. وألا يدلّ عدم الصيام من دون عذر مشروع، على ضعف نفس المفطر، وعلى حبّه لبطنه وشهوته؟؟!..
ألا يدلّ الإفطار في رمضان، على حيوانية بهيمية، تهبط بالإنسان المفطر هذا، إلى درك الحيوان الأعجم غير المكلف؟؟!..
إن إنسانا لا يصبر على تأخير وجبة طعام، من وقت الظهر حتى الغروب، ليس بإنسان.. لأن مزية الإنسان الأولى: أنه يتحكم هو بشهواته، لا أن تحكمه شهواته.. وأن يكون عقله سيّد هواه، لا أن يكون هواه أسير عقله.. وأن يؤثر الطاعة على المعصية، ورضاء الله تعالى على سخطه.
و"الحج" ذاك الركن الجامع العظيم، الذي جعله الله تعالى للمسلمين نعمة ورحمة، والذي هو الركن الوحيد من أركان الإسلام الذي يجتمع فيه المسلمون من كل بقاع الأرض، رغم ما فعله الأعداء بهم من تفريق.. وتمزيق.. وتفتيت. فترك "الحج": "أزمة".. و" أزمة" شديدة.. وخسارة كبيرة. .
ولا نستطيع أن ننسى "الجهاد".. عنفوان الأمة الإسلامية.. وسبيل عزتها وكرامتها.. وباب المجاهدين الى "الجنة"..
إن " الجهاد" وسيلة من وسائل نشر الإسلام، وهداية العالم بنوره وهداه، عندما لا يكون أمامنا سبيل سواه، فإذا لم يكن تعطيل "الجهاد" أزمة.. فمتى تكون "الأزمة"؟.. وكيف؟؟.. وبأي شيء؟..
إن المسلمين لم يضعفوا إلا عندنا صرف "الشباب" عن "الجهاد"، وغمسوا في اللهو والشهوات.. فلقد بذل أعداؤنا قصارى جهودهم، ليقتلوا في شبابنا روح الجهاد، ومع الأسف.. فقد حققوا كثيرا مما أرادوا..
وإن قال قائل: كيف تقول هذا.. والشباب في كل بلاد الإسلام، مجندون للخدمة العسكرية في كل بلد؟؟. فإننا نقول لهذا السائل: هل ترى أنت أن هذه الجيوش المجنّدة، في بلاد الإسلام، هي للجهاد في سبيل الله؟؟!.. فإن كنت أنت ترى ذلك، فواأسفا عليك وعلى أمثالك..
إن ما ذكرناه في هذا القسم من " الأزمات الخاصة"، هو الأهم والأدهى والأمرّ.. وقد وقع الكثير من "الشباب" في " أزمة ترك الواجبات".. فتركوا الصلاة.. ومنع القادرون منهم الزكاة، وأفطروا في شهر رمضان، وتخلّف المستطيع منهم عن الحج.. أما الجهاد.. فلا تسل عنه.. بل ابحث عنه..
والمخرج لشبابنا من هذه الأزمات الخطيرة، لا يكون إلا بتوعيتهم، وحملهم على عبادة ربهم وخالقهم عز وجل، وإذكاء شعلة النور والإيمان في قلوبهم.. ونسأل الله تعالى أن يهدينا ويهديهم.
التسميات
واقع الشباب