التوجيه السيء للشباب.. بين الشعارات البراقة وحال الواقع التعيس

ينشأ الولد في أسرة، وفي مجتمع، وهو حين ولد، كان على الفطرة السليمة، صفحة بيضاء نقية، كله براءة وطهارة، في أقواله وتصرفاته كافة، حتى يتدخل في فكره وعقيدته وسلوكه متدخل، من أب، أو أم، أو: ولي لأمره، أو معلم، أو حاكم، أو صديق، فتزول تلك البراءة، في أكثر الأحوال، وتحلّ في الشباب عقيدة الأبوين، ويتأثر بأخلاق أستاذه، وتوجيه حاكميه المبثوثبواسطة وسائل الإعلام.

إن "الشباب" في زماننا، واقعون تحت تأثير توجيه متعارض، متضارب، متناقض، ينتهي بهم الى الضياع والفراغ، فهم يقرأون في الكتب والمنشورات، ويسمعون ويشاهدون بأجهزة الإعلام، المرئية والمسموعة، جميع المتعارضات من الأفكار، فيطرح عليهم: عقائد الإيمان، وأقاويل الإلحاد والزندقة، من دون بتّ ولا فصل، وتلقى عليهم المعلومات مجترأة مبتورة، أو مشوهة مغشوشة.

إنهم يسمعون عن "العدل" وعنه يقرأون.. لكنهم في الواقع لا يرونه، بل يرون: أن الحق دائما مع القوي.. مع زمرة الحاكمين.. وأعوان الحاكمين.. أما الضعيف.. والفقير.. ومن لا سند له.. فلا شيء له..

إنهم يقرأون ويسمعون عن "الآداب" العامة والخاصة، وعن "الأخلاق".. ولكنهم يفاجأون بما ينسف أسس الأخلاق والآداب، من مجلات وكتب "شهوانية" ـ جنسية ـ، وأفلام عربية.. نعم:"عربية".. مخزية كلها دعارة.. وسفالة ورذالة.. وحقارة.. ناهيك عن المسارح المليئة بالتهريج.. والمسخرة.. وهزء الناس بعضهم ببعض.. كل ذلك بإسم:" الفن".. وبئس "الفن".. فكيف سيستقيم شبابنا وشاباتنا في هذا الجو الموبوء؟؟!.. وكيف ستصلح أخلاقهم... وهم في هذا الواقع يعيشون؟؟!..

إنهم يسمعون عن "الحرية".. حرية الوطن.. وحرية المواطن.. ولكنهم لا يرون من ذلك شيئا على أرض الواقع، لا يعانون من التسلط، والكبت، والحرمان، ويرون "الوطن" أسير قوى الشرق أو الغرب..

إن "الشباب" لا يجدون من يوجههم نحو الفضائل، ولا من يأخذ بأيديهم الى هدف سام، وغاية شريفة، ولا من يرشدهم الى سبيل الرشاد والخير، بل هم مبتلون بالتوجيه السيء، ومزاعم التربية والتعليم.. فهم كالضحية بين يدي الجزار..

إن "الشباب" غرس بستان أهمله أهله، وتركوه عرضة للطفيليات، من الحشرات والنباتات، فصارت كل غرسة منه، نهبا للطوارئ والعاديات، ولو أن أصحابه خدموه وحموه، واعتنوا به، لصار "جنة".. يجنون منها أشهى الثمرات وأطيب الفواكه.. فأين المربون؟؟..
أحدث أقدم

نموذج الاتصال