لقد أريدَ للمرأة في هذا العصر أن تكون عنوان الجنس لا ترمز إلا إليه، ولا تعني إلا إثارته والإغراء به... أُريدَ لها أن تكون محطًا للعيون النهمة، والنفوس العفنة المتعطشة للمجون.
وهذا ما جعل المجتمعات الغربية تتبارى وتتنافس في إنتاج كل الوسائل التي من شأنها دفع المرأة في سلم الإغراء، والإغواء، والإثارة إلى النهاية؟!!
ولقد أريد للمرأة – كذلك – أن تكون العنصر الأساسي في الدعايات التجارية... في لفت الناس إلى السلع الاستهلاكية وفي اجتذابهم إلى المطاعم، والفنادق، والمقاهي، وبذلك استُغِلَّت أنوثتها أبشع استغلال، وتعطلت وظيفتها الفطرية في الحياة، وغدت متاعًا أو شبع متاع.
إن تحرر المرأة المُزيف في المدينة الغربية جعلها تتحرر حقًا من واجباتها كزوجة، من واجباتها كأم، من واجباتها كمُربية أجيال، وصانعة رجال...
إن هذه المدنية الزائفة أقحمت المرأة لتعمل في كل ميدان...؛ ميدان الصناعة، والزراعة، والفن، والتجارة، وغيرها من الميادين؛ مما يتعارض في كثير من الأحيان مع تركيبها العضوي، وطاقاتها الجسدية والنفسية... كل ذلك على حساب مسئوليتها الأصلية في نطاق الزوجة والأمومة.
إن الفاجعة الكبرى في العالم الإسلامي أن تسلك نساؤه نفس الطريق الذي سلكته المرأة الأجنبية، وتتبع خطاها خطوة خطوة، اتباع انقياد واقتداء... مبهورة بالأضواء والضوضاء، مفتتنة بالزينة، والمساحيق، والعطور، مصروعة بحمى الأزياء، والملابس الفاضحة.
وليت المرأة في عالمنا الإسلامي تدرك الحقيقة. ليتها تستطلع وضع المرأة الأجنبية بدون أضواء، تستطلع وضعها النفسي. وحينذاك ستدرك أنها في شقاء، وتعاسة، وقلق لا تحسد عليه...
ليت المرأة في عالمنا الإسلامي تقرأ، وتطالع وتطَّلع على ما يكتبه عقلاء الغرب، وعلماؤه، وأطباؤه عن النكبات والمآسي التي خلفتها الحضارة الغربية، وتخلفها في حياة الناس هناك؟!!
1- تقول: «مارلين مونرو»، وهي أشهر ممثلة إغراء في رسالتها التي كتبتها عند انتحارها ما يلى: «... إني أتعس امرأة على هذه الأرض، لم أستطع أن أكون أمًا. إني امرأة، أُفَضِّل البيت، والحياة العائلية الشريفة الطاهرة، بل إن هذه الحياة العائلية لهي رمز سعادة المرأة؛ بل الإنسانية. لقد ظلمني الناس، وإن العمل في السينما يجعلُ المرأة سلعة رخيصة تافهة، مهما نالت من المجد والشُهرة الزائفة...».
2- وقالت الممثلة الأمريكية «بربارة سترياند» في آخر مقالة صحفية لها: «لقد بدأت أتأكد من أن أشياء كثيرة تنقصني، اهتممت أكثر مما يجب بحياتي الفنية، ونسيتُ حياتي كامرأة وكإنسانة، مما جعلني اليوم أحسد النساء اللواتي عندهن الوقت الكافي للاعتناء بأزواجهن وأطفالهن، والحقيقة أن النجاح والشهرة لا معنى لهما في غياب الحياة العائلية العادية حيث تشعر المرأة أنها امرأة»([1]).
3- وها هي «أني رود» الكاتبة الإنجليزية كتبت في جريدة «أيسترن ميل»: «ألا ليت بلادنا؛ كبلاد المسلمين، فيها الحشمة والوقار، وفيها الخادم والرقيق، ينعمان بأرغد العيش، ويعاملان كما يُعامل أولاد البيت، ولا تمس الأعراض بسوء»([2]).
4- نشرت الكاتبة الفرنسية الشهيرة «مريم هاري» خطابًا موجهًا منها إلى النساء المسلمات في كتابها «الأحاريم الأخيرة» تقول لهن: «يا أخواتي العزيزات... لا تحسدننا نحن الأوربيات، ولا تقتدين بنا؛ إنكن لا تعرفن بأي ثمن من عبوديتنا الأدبية اشتريت حريتنا المزعومة. إني لا أقول لكن كما يُقال لفتيات دمشق: إلى الحريم... إلى الحريم، ولكن أقول لكن: إلى البيت... إلى البيت، كن حلائل...، ابقين أمهات. كن نساء قبل كل شيء. قد أعطاكن الله كثيرًا من اللطف الأنثوي. فلا ترغبن في مصارعة الرجال...، ولا تجتهدن في مسابقتهم...، ولترض الزوجة بالتأخر عن زوجها وهي سيدته، ذلك خير من أن تساويه، وأن يكرهها»([3]).
5- لقد شعرت المرأة الأوربية، أن سبيل النجاة الوحيد لها من هذا العذاب الذي تعيشه أن تعود إلى البيت، معززة مكرمة تؤدي واجبها.
نشرت جريدة الأخبار المصرية ما يلي: «مللنا المساواة مع الرجال... مللنا حالة التوتر الدائم ليل نهار... مللنا الاستيقاظ عند الفجر؛ للجري وراء المترو... مللنا الحياة الزوجية؛ التي لا يرى فيها الزوج زوجته إلا عند النوم... مللنا الحياة العائلية؛ التي لا ترى الحرية والمساواة... وأهلاً بعصر الحريم.
والتوقيع 2.5 مليون نسمة فرنسية بمجلة «ماري كليير الباريسية»([4]).
6- صرح البروفسور (كلين) رئيس أطباء مستشفى حكومي في ألمانيا، وذلك في مؤتمر للأطباء عقد هناك، قال: «إن نسبة كبيرة وكبيرة جدًا من النساء في مجتمعنا لسنَ سعيدان في حياتهن؛ والسبب في ذلك هو المتطلبات الجسيمة، والروحية المتصاعدة؛ وعلى هذا فإنني أعلن النفير العام لعلم الطب.
إن الواجب على (المجلس البلدي) أن ينظر إلى هذه الفاجعة التي تحل بكثير من نسائنا العاملات بعين الجدِ والاعتبار.
إن هذا الخطر يُهدد كثيرين منا؛ لأن هذا معناه انهيار عظيم، وخسارة مزدوجة لملايين من البشر»([5]).
7- الغرب يبدأ في منع الاختلاط: قامت مدرسة «شنفيلد» الثانوية في مقاطعة (إيسكس) البريطانية بتنظيم فصول تضم طلابًا من جنس واحد منذ عام 1994م، وكانت النتيجة حدوث تحسُّن متواصل في نتائج الاختبارات لدى الجنسين؛ ففي اللغة الإنجليزية ارتفع عدد الطلاب الحاصلين على تقديرات ممتاز، وجيد جدًا؛ في اختبارات الثانوية العامة بنسبة (26%)، بينما ارتفع عدد الحاصلات على هذه التقديرات بنسبة (22%).
وبسبب مثل هذه النتائج لكثير من الدراسات والأبحاث المحكمة؛ أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي (بوش الابن) تشجيعها لمشروع الفصل بين الجنسين في المدارس العامة، وصدر إعلان عن هذا المشروع في 8 مايو 2003 م في السجل الفيدرالي (الصحيفة الرسمية الأمريكية)([6])، وجاء في الصحيفة الرسمية أيضًا أن وزير التربية ينوي اقتراح تعديلات لـ (التنظيمات المطبقة) تهدف إلى توفير هامش مبادرة أوسع للمربين من أجل إقامة صفوف ومدارس غير مختلطة. وتابعت الصحيفة: «إن الهدف من هذا الإجراء هو توفير وسائل جديدة فُضْلى لمساعد التلاميذ على الانكباب على الدراسة، وتحقيق نتائج أفضل».
وقد نشرت صحيفة (واشنطن بوست)، مقالاً مطولاً تناول هذا الموضوع بتاريخ 14/5/2002م، وأوردت فيه تعليقًا لافتًا لمدير إحدى المدارس يقول فيه – بعد أن ضاق ذرعًا بمشكلات الطلاب في مدرسته -: «على الأولاد أن يتعلموا كيف يكونون أولادًا، وعلى البنات أن يتعلمن كيف يكنَّ بناتٍ، ولن يستطيعوا أن يفعلوا ذلك في الغرفة نفسها»!([7]).
([1]) راجع كتاب «خطر التبرج والاختلاط» لعبد الباقي رمضون (ص165، 166).
([2]) راجع كتاب «أهداف الأسرة في الإسلام والتيارات المضادة» للأستاذ حسين محمد يوسف (ص32).
([3]) انظر كتاب: «الأحاريم الأخيرة» (ص242).
([4]) جريدة الأخبار في 25/12/1976م.
([5]) راجع كتاب «الإسلام والجنس» لفتحي يكن (ص68-70).
([6]) انظر: صحيفة الوطن، مايو 2004م.
([7]) انظر مجلة البيان عدد رقم (240).
التسميات
المرأة والطفل