المربي الأول الرسول محمد (ص) والمعايشة التربوية

يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم».

لقد كان للنبي (صلى الله عليه وسلم) أوفر الحظ والنصيب من هذا الحديث، وكان الرائد في هذا المجال؛ فقد بُعِثَ معلماً، يتوفر لطلابه في معظم أحيانه، فهم يجدونه في المسجد، فإن لم يكن ففي السوق أو الطريق، فإن لم يكن ذهبوا إلى بيته، وكان (صلى الله عليه وسلم) يستقبلهم ويعلمهم ويجيب عن أسئلتهم، ولم يكن من عادته حجب الناس عنه أو ردهم بل كان يستقبلهم، ويبتسم لهم دائماً.

عن جرير بن عبدالله البجلي (رضي الله عنه) قال: «ما حجبني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منذ أسلمت، ولا رآني إلا ابتسم في وجهي».

وكان (صلى الله عليه وسلم) يعتمد اعتماداً كبيراً على هذه الخاصية (المعايشة) في الاتصال بالمدعوين والمتربين، والتعرف عليهم والتقرب إليهم، والتأثير فيهم.

فهو يعرف أسماءهم، وبعض خصائصهم، وأسماء قبائلهم، وتاريخ تلك القبائل، وأسماء بلدانهم، وخصائص تلك البلدان، ويعرف مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

هذا فيما يتعلق بالأبعدين والمستجدين، أما أصحابه ممن حوله، والمقربون منه، فيعرف كل شيء عنهم تقريباً، حاجتَهم واستكفاءَهم، مرضهم وصحتهم، سفرهم وإقامتهم، ويعرف مستوياتهم الإيمانية والعقلية والنفسية، ويعرف قدراتهم وحظوظهم في المجالات التربوية والقيادية والمالية والحكمية والدعوية، ويتحدث مع كلٍ بما يناسبه، ويكلف كلاً منهم وفق خصائصه وقدراته.

عن أنس ابن مالك (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأقرؤهم لكتاب الله أُبَيُّ بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، ألا وإن لكل أمة أميناً وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ابن الجراح».
أحدث أقدم

نموذج الاتصال