أخي الحبيب، كم من تساؤل يطرحه شبابنا.. حين يقول: أن مُتعتي أجدها في السيجارة فَلِمَ أتركها؟! وآخر يقول: أهوى مشاهدة الأفلام فَلِمَ أدعها؟! وآخر لا يحب الارتباط والتقيد، فلِمَ الصلاة؟! وأخرهم يقول: أليس على المرء أن يفعل ما يسعده؟ فالذي يسعدني هو ما تسمّونه معصية.. وأنا غير مقتنع بهذه التسمية... فالعالم تقدم وتحضر و... فلِمَ أتوب؟!
أخي المسلم.. يا عبد الله.. تتوب لجهلك في الدين، وبالمعاصي التي تقترفها! تتوب لكي تعرف من عصيتْ! فمثل العاصي كمثل الرجل في مكان دبغ الجلود، فإنه لا يشم الرائحة الكريهة إلا عندما يخرج منه ، فاخرج من المعاصي، وتُب إلى الله ستعرف سوء ما كنت عليه وقبح ما كنت تفعل، كم كنت خاسراً لاهياً غافلاًَ…
نعم لو أنكَ علمت من عصيت، وقدره لما عصيته!! كما قال الإمام الزاهد الحسن البصري - رحمه الله – لا تنظر الى صغر المعصية، بل انظر الى عظمة من عصيت.
أخي التائب - إن الله يفرح لك إذا تُبت ، فيجازيك بأن يفرحك ويُسعدك، ولك في هذا دليل، قال (ص) "لله أشد فرحاً بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرضٍ دويةٍ مهلكةٍ معه راحلته عليها طعامه وشرابه، فنام فاستيقظ، وقد ذهبت، فطلبها حتى أدركه العطش ثم قال: أرجع الى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت. فوض رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه ، فالله أشد فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده".
انظر إلى هذه الفرحة التي يجدها التائب توبة نصوحاً صادقة، والسرور واللذة التي تحصل له فإنه لمّا تاب إلى الله، فرح الله بتوبته فأعقبه فرحا عظيماً. لذا تجد التائب في منتهى السعادة وقمة الراحة، وفي أعظم النشوة.
بالله عليك، أيهما أسعد شاب ليس في قلبه سوى فتاة تسومُه سوء العذاب، أو مال يُرغم أنفه في التراب، أو منصب فذاق بسببه أشد الصعاب، ليس في فكره سوى السيارة والعمارة والصديقة والعشيقة؟! أم من ليس في قلبه سوى رب الوجود، لا يتلفظ بكلمة إلا ومزجها مع (إلهي، ربي، سيدي، مولاي..) ليستشعر بدفء الجواب يناديه: (لبيك عبدي.. سل تعطى..) بالله عليك من السعيد حينئذ ؟! ومن أحق بالسعادة والطمأنينة وقتها؟!
لذا إخواني في الله- إليكم هذه الكلمات التي خرجت من قلبي لعلها تصل إلى قلوبكم، وامتزجت بروحي فلعلها تمتزج بروحكم، كتبتها بمداد الحب والصفاء والنصح والوفاء، لعلها لا تجد عن نفوسكم الصافية مصرفاً.
التسميات
شباب