السلطة القيمية والأخلاقية يمكن اعتبارها كسلطة رمزية و معنوية داخل المجتمع، تعمل على تكوين وضبط الأنا-الأعلى والأنا المثالي (حسب أدبيات التحليل النفسي) للفرد، وذلك من خلال التحكم في السلوك الوجداني والمعرفي للأفراد والجماعات، وتوجيه هذا السلوك، تمثلا وفعلا، عبر نماذج مثالية معينة.والحدود بين القيم/ الأخلاق والإيديواوجيا تبقى غالبا وهمية ومتداخلة، من أجل صناعة ما يسمى بـ"المواطن الصالح" على مقاس السلطة المهيمنة في المجتمع.
ويمكننا أن نستنتج بأن جل القيم والأخلاقيات المكرسة، أو التي يراد تكريسها، في المدرسة المغربية، تنطلق من مرجعيات دينية وتقليدية محافظة أو غربية وحداثية، رأسمالية ليبرالية أساسا؛ وأحيانا تنطلق من تزاوج خفي أو علني بين المرجعية التقليدية المحافظة والمرجعية الرأسمالية-الليبرالية"الحداثية".
وإن كنا نسجل ما هو إيجابي في هاتين المرجعيتين، فإننا ننبه، كذلك، إلى ما هو استلابي سياسي فيهما.
ويمكننا أن نتلمس بعض السلط القيمية والأخلاقية التي يراد تأسيسها/ تكريسها في المنظومة المدرسية من خلال قراءتنا للميثاق الوطني للتربية والتكوين، بحيث نجد: "يهتدي نظام التربية والتكوين للمملكة المغربية بمبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها الرامية لتكوين المواطن المتصف بالاستقامة والصلاح، المتسم بالاعتدال والتسامح، الشغوف بطلب العلم والمعرفة... والمتوقد للإطلاع والإبداع والمطبوع بروح المبادرة الإيجابية والإنتاج النافع."
ويمكننا كذلك أن نلخص، وبشكل مكثف، بعض عنصر المنظومة القيمية والأخلاقية التي يتوخاها النظام التعليمي/ المدرسة فيما يلي: الإيمان، حب الوطن، التمسك بالملكية الدستورية، المسؤولية، الاستقلالية الفردية، التفتح على الآخر، الاختلاف، التسامح، الديمقراطية، حقوق الإنسان، المعرفة والعلم، المبادرة، الإنتاجية، الجودة، الوفاء للأصالة، التطلع للمعاصرة...
إن هذه المنظومة القيمية- الأخلاقية التي يراد تطبيع وتنشئة المتعلم بها داخل المدرسة المغربية تتحدد أغلب أطرها المرجعية، وكما رأينا، حسب ثقافة التوفيق بين الحداثة والتقليد، وبين الإيديولوجيا والعلم، وبين المحلية والعالمية.
التسميات
المدرسة والسلطة