من أهم الأمور التي يسعد بها الرجل مع المرأة وتسعد بها المرأة مع الرجل النظافة، وإن إهمال هذا الجانب يوجب نفور كل من الطرفين من الآخر، وقد نشأت خلافات زوجية ومشكلات أدت إلى الطلاق بسبب إهمال الرجل تنظيف فمه أو بدنه أو إبطه أو إصراره على التدخين، أو تركه تنظيف الحمام بعد قضاء حاجته، أو غير ذلك من الأمور التي تدل على عدم اكتراث الرجل بأمر النظافة.
الإسلام دين النظافة:
قال ابن الجوزي [5]: تلمحت على خلق كثير من الناس إهمال أبدانهم، فمنهم من لا ينظف فمه بالخلال بعد الأكل، ومنهم من لا ينقي يديه بغسلهما من الزهم- رائحة اللحم والدهون- ومنهم من لا يكاد يستاك، وفيهم من لا يكتحل، ومنهم من لا يراعي الإبط إلى غير ذلك، فيعود هذا الإهمال بالخلل في الدين والدنيا.
أما الدين، فإنه قد أمر المؤمن بالتنظف والاغتسال للجمعة لأجل اجتماعه بالناس،ونهى عن دخول المسجد إذا أكل الثوم، وأمر الشرع بتنقية البراجم وقص الأظفار والسواك والاستحداد (حلق العانة) وغير ذلك من الآداب.
و أما الدنيا: فإني رأيت جماعة المهملين أنفسهم يتقدمون إلى السرار- المناجاة عن قرب- والغفلة التي أوجبت إهمالهم أنفسهم أوجبت جهلهم بالأذى الحادث عنهم، فإذا أخذوا في مناجاة السرِّ يمكن أن أصدف عنهم، لأنهم يقصد السر، فألقى الشدائد من ريح أفواههم.
ثم يوجب مثل هذا نفور المرأة، وقد لا تستحسن ذكر ذلك الرجل، فيثمر ذلك التفاتها عنه.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : إِنِّى لأُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَزَيَّنَ لِى لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ) وَمَا أُحِبُّ أنْ تَسْتَطِفَّ جَمِيعَ حَقٍّ لِى عَلَيْهَا لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ ( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ)[6].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أنظف الناس وأطيب الناس، وكان يكره أن يشم منه ريح ليست طيبة[7].
وقد قالت الحكماء: من نظف ثوبه قلّ همه، ومن طاب ريحه زاد عقله.
ثم إنه يقرب من قلوب الخلق، وتحبه النفوس لنظافته وطيبه.
ثم إنه يؤنس الزوجة بتلك الحال، "النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ "[8]، فكما أنه يكره الشيء منها، فكذلك هي تكرهه، وربما صبر هو على ما يكره وهي لا تصبر" [9]
[4] - صيد الخاطر - (ج 1 / ص 66)
[5] - صيد الخاطر - (ج 1 / ص 27)
[6] - السنن الكبرى للبيهقي وفي ذيله الجوهر النقي - (ج 7 / ص 295)برقم(15125) حسن
[7] - عن أنس بن مالك قال: « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس قواما، وأحسن الناس وجها، وأحسن الناس لونا، وأطيب الناس ريحا، وألين الناس كفا، ما شممت رائحة قط مسكة ولا عنبرة أطيب منه ، ولا مسست خزة (1) ولا حريرة ، ألين من كفه ، وكان ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، ولا الجعد (2) ولا السبط (3)، إذا مشى أظنه قال : يتكفأ (4) صلى الله عليه وسلم »الشريعة للآجري - (ج 3 / ص 123)برقم(1005 ) حسن
(1) الخز : ثياب تنسج من صوف وحرير -(2) الجَعْد: في صِفات الرجال يكون مَدْحا وَذَمّا: فالمدْح مَعْناه أن يكون شَدِيد الأسْرِ والخَلْق، أو يكون جَعْدَ الشَّعَر أي خشنه، وأما الذَّم فهو القَصير المُتَردّد الخَلْق. وقد يُطْلق على البخِيل أيضا -(3) الشعر السبط: المنبسط المسترسل -(4) تكفأ: مال صدره إلى الأمام
[8] - حديث صحيح سنن أبى داود برقم (236 )
[9] - صيد الخاطر - (ج 1 / ص 28)
التسميات
سعادة زوجية