حالة منظومة البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في الجزائر.. ضعف علاقات التعاون بين قطاعي البحث والإنتاج

إن ما يمكن ملاحظته هو أنّ جلّ الخطابات السياسية الجزائرية قد أبدت في الماضي حسن نيتها فيما يخص ضرورة التكفل الفعلي بالبحث و التطوير, إلا أن الظروف حالت دون ذلك و بقيت على حالها إلى غاية 1998, بحيث لم تخصص لهما الدولة الجزائرية قبل هذا التاريخ إلا نسبة %0.28 من الناتج القومي الخام, في حين وصلت هذه النسبة إلى %1 في الدول النامية و تراوحت ما بين %2.5 و%3.2 في الدول المتقدمة.
إضافة إلة ما سبق ذكره, تعرضت الأموال المخصصة آنذاك للبحث و التطوير إلى الإندثار و سوء الاستعمال بسبب العقبات البيروقراطية, التضخم و كذا انخفاض قيمة العملة الوطنية, الأمر الذي جعلها تنقسم إلى ما يعادل 20 مرة مقارنة بفترة أواخر الثمانينات علما أن عدد الباحثين ارتفع من 1500 إلى 4500.
يمكن تلخيص ما نتج عن العوامل العقيمة السالفة الذكر فيما يلي:
- ضعف و قلة الإنتاج و العلمي من منشورات و مجلات و دراسات علمية (584)؛
- قلة عدد براءات الاختراع (20) المسجلة من طرف الباحثين لدى المعهد الوطني للملكية الصناعية؛
- ضعف علاقات التعاون بين قطاعي البحث والإنتاج؛
- غياب الهيئات المتخصصة في تثمين نتائج البحث و التطوير داخل مؤسسات البحث و كذلك تنشيط العلاقات بين البحث و التطوير و القطاع الاقتصادي؛
بناءاً على ما سبق ذكره, و نظراً لأهمية البحث العلمي و التطوير التكنولوجي في أية عملية بناء اقتصاد صلب و تنافسي, فلقد ظهر للوجود وعي وطني تجسد في تشريع القانون البرنامج المتعلق بالبحث العلمي و التطوير التكنولوجي للفترة 2002 – 1998 الذي يهدف أساساً إلى:
- ضمان ترقية البحث العلمي و التطوير التكنولوجي؛
- تدعيم القواعد العلمية و التكنولوجية للبلاد؛
- تحديد و توفير الوسائل الضرورية للبحث و التطوير؛
- ردّ الاعتبار لوظيفة البحث و التطوير أينما كانت و كذا تحفيز عملية تثمين نتائج البحث؛
- دعم تمويل الدولة لكل النشطة المتعلقة بالبحث و التطوير.
للتوضيح, لقد إعتبرت المادة الثانية من هذا القانون البحث العلمي و التطوير التكنولوجي من الأولويات الوطنية. فيما أكدت المادة الثالثة منه على أنّ هدف البحث و التطوير يكمن في تحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و العلمية و التكنولوجية لبلاد, وذلك عن طريق وضع 25 برنامج البحث و التطوير حيز التطبيق مصنفة كما يلي:
- برامج وطنية للبحث ما بين القطاعات و تخص:
الزراعة’ التغذية, الموارد المالية, البيئة, التنقيب, و استغلال و تثمين المواد الأولية, تقويم الصناعات, العلوم الأساسية, البناء و التعمير و التهيئة العمرانية, الصحة, النقل, التكوين, التربية, اللغة, الثقافة والاتصال, الاقتصاد, التاريخ, القانون,  العدالة, المجتمع و السكان.
- برامج وطنية للبحث المتخصص: و تتعلق بالميادين التالية:
الطاقة, التقنيات النووية, الطاقات المتجددة, تكنولوجيا الإعلام, التكنولوجيات الصناعية, التكنولوجيا الفضائية و تطبيقاتها, المواصلات اللاسلكية, المحروقات التكنولوجيات الحيوية.
إن هذه البرامج التي تعكس إشكالية التنمية الوطنية تحتوي على 1740 مشروع بحث سيقوم بإنجازها 5957 باحث في مراكز ووحدات البحث التابعة لكل قطاعات الاقتصاد الوطني و التي تقدر عددها حوالي 557.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال