الفرق بين النمو والتنمية الاقتصادية.. تغيرات جذرية في الأبنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية

يفرق جمهور الاقتصاديين بين النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية.
أما النمو فيقتصر معناه على مجرد الزيادة في إجمالي الناتج القومي أو الزيادة في إجمالي الناتج القومي أو الزيادة في متوسط نصيب الفرد من الدخل الحقيقي.

وأما التنمية فهي تتضمن كما رأينا من قبل – مفهوما أوسع من ذلك – إذ لا تتوافر للتنمية متطلباتها ما لم تكن هذه الزيادة في الناتج القومي مصحوبة بتغيرات جذرية في الأبنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

والتنمية الاقتصادية هي في الواقع (عملية تحقيق زيادة سريعة، تراكمية ودائمة، في الدخل الفردي الحقيقي عبر فترة ممتدة من الزمن).

بينما يستخدم اصطلاح النمو الاقتصادي للتعبير عن التطوير الاقتصادي في البلدان المتقدمة التي تتمتع بهياكل اقتصادية، اجتماعية، سياسية، سليمة وقوية، نجد أن استخدام اصطلاح التنمية الاقتصادية يتلاءم وظروف البلدان المتخلفة.

فهذه البلدان أشد ما تكون حاجة إلى زيادة معدلات نموها بسرعة واستمرارية لتعويض الفجوة التي تفصلها عن الدولة المتقدمة.

ولن تأتي هذه الزيادة السريعة في معدلات نموها الاقتصادي إلا بإجراء تغييرات بنيائية تشمل فنون الإنتاج وعلاقات عناصر الإنتاج النسبية والأنظمة المالية والنقدية بل الهياكل الاجتماعية والتعليمية والثقافية والسياسية.

ولقد عرف أحد كبار الاقتصاديين ويدعى سيمون كيوزنتش النمو الاقتصادي في بلد ما بأنه (زيادة طويلة المدى في طاقة الاقتصاد الوطني وقدرته على إمداد السكان بالسلع المتنوعة.

وتعتمد هذه الطاقة المتزايدة على التكنولوجيا المتجددة وعلى التعديلات الهيكلية والسلوكية والإيديولوجية التي تتطلبها عملية النمو هذه).
ويحتوي هذا التعريف على مكونات ثلاث للنمو الاقتصادي:

1- زيادة مستمرة في إجمالي الناتج القومي كتعبير عن النمو الاقتصادي والقدرة على إمداد السكان بالسلع المتنوعة كعلامة أو دليل على النضج الاقتصادي.

2- التكنولوجيا المتقدمة هي الأساس في النمو الاقتصادي المستمر وهي بمثابة الشرط اللازم ولكنه غير كافي.

3- الشرط المتمم لعملية النمو هو: التعديلات الهيكلية والإيديولوجية والسلوكية الواجب إحداثها.

فخلق التكنولوجيا الحديثة في بلد ما دون إجراء التعديلات الاجتماعية اللازمة أشبه بتركيب مصباح كهربائي في منزل ليس فيه تيار كهربائي.

النمو تلقائي والتنمية إرادية محفوزة، النمو نتيجة والتنمية مجهود ضخم يؤدي إلى تلك النتيجة.

ومع استخدام للفظة النمو إلا أنه شأنه شأن العديد من الاقتصاديين يستخدمها للتعبير عن الظروف التي تحكم التكور الاقتصادي للبلدان الرأسمالية المتقدمة.

وهو يستخدم كغيره أيضا – لفظة تنمية- للتعبير عن الجهود الساعية لرفع معدلات النمو الاقتصادي وإجراءات التغيرات الهيكلية بالبلدان المتخلفة في وقتنا المعاصر.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال