قد يخرج أدونيس أحياناً عن تحديد التراث من حيث أنه معطيات معينة إلى تحديده من حيث تأثيره في واقع الحياة المعاصرة.
فالتراث عنده (ليس الكتب والمحفوظات والإنجازات التي نرثها عن الماضي وإنما هو القوى الحية التي تدفعنا باتجاه المستقبل).
فهو ليس مادة محددة خارج الإنسان وإنما هو متصل بروحه.
وبهذا فالتراث عنده هو العناصر الحية التي تؤثر في الحاضر والمستقبل، أي المتحول لا الثابت.
وهذا يعني أن نظرة أدونيس إلى التراث جزئية لأنه يهمل ما يزعم أنه ثابت لا يتحول ولا يؤثر.
على أن التراث كل متكامل يتطور عبر مراحل التاريخ المختلفة كما رأينا من قبل ولا يبقى كما هو.
وهذا ما انتهى إليه أدونيس نفسه في (كلام البدايات) حيث أصبح يقول: (ليس التراث كتلة موجودة في فضاء اسمه الماضي وعلينا العودة إليه والارتباط به وإنما هو حياتنا نفسه ونمونا نفسه وقد تمثلناه ليكون حضورنا نفسه واندفاعنا نفسه نحو المجهول).
لقد أصبح عنده حياة الإنسان في نموه وتطوره، ولم يعد كتلة جامدة منفصلة عنه.
إن التراث (عملية تطور بطيئة أحياناً عاثرة عارمة أحياناً أخرى. إنه عملية خلق مستمرة، وما دام كذلك فهو في تطور دائم) كما يرى أحمد سليمان الأحمد.
وهكذا نلاحظ أن مفهوم التراث عند أدونيس قد تطور من مرحلة إلى أخرى.
وهذا ما انتبه إليه أحمد عبد المعطي حجازي عندما ذهب إلى أن أدونيس قد طور بعض آرائه في التراث مشيراً إلى قوله في (زمن الشعر): (التراث ليس مركزنا وليس دائرة تحيط بنا) ثم قوله بعد: (إن الشاعر العربي أياً كان كلامه وأسلوبه وأياً كان اتجاهه إنما هو تموج في التراث، أي جزء عضوي فيه).
التسميات
دراسات شعرية