الأدب المقارن وكشف مصادر التيارات الفنية والفكرية في الأدب القومي:
قد يتساءل المرء هنا:
ما الأهمية المعرفية لما يقوم به الأدب المقارن من كشف عن مصادر التيارات الفنيّة والفكريّة في الأدب القوميّ؟
وهل بوسع الأدب المقارن أن يوجّه حركة التجديد في الأدب القوميّ "وجهة رشيدة"، كما يقول الدكتور هلال؟
وما هذه الوجهة؟
وما أدرانا أنها رشيدة؟
كشف مصادر التيارات الفنيّة والفكريّة في الأدب القومي:
فيما يخصّ السؤال الأول فإنّ الإجابة عنه تتوقف على الأهمية التي يوليها المرء لمسألة الأصالة في الأدب.
فمن النقاد، مثل الدكتور محمد مندور، من يعتبرها سمة أساسية لكلّ أدب جيّد، وهناك بالمقابل نقاد وأدباء لا يولونها كبير أهمية (1).
وهكذا فإنّ تقدير أهمية الدور الذي يقوم به الأدب المقارن على هذا الصعيد يتوقف على موقفنا من مسألة الأصالة ومفهومها الشديد الإشكالية.
دور الأدب المقارن في توجيه حركة التجديد في الأدب القومي:
أمّا فيما يخصّ دور الأدب المقارن في توجيه حركة التجديد في أدبنا القومي، أو أيّ أدب قومي آخر، توجيهاً رشيداً، فإنّ أحداً لايستطيع أن يمنع المقارنين من أن يطمحوا إلى القيام بدور كهذا، ولكن ربما كان من المفيد في هذا السياق أن نذكّرهم بأنّ الطموح شيء، وتحقيق ذلك الطموح عملياً شيء آخر.
وفي رأينا فإنّ الفرص المتاحة للأدب المقارن ليحقق طموحه في توجيه حركة التجديد في الأدب القوميّ ليست أكبر ولا أصغر من الفرص المتاحة للدراسات الأدبية والنقد الأدبي بوجه عامّ في توجيه حركة الإنتاج الأدبيّ.
فإلى أيّ مدى يسمح الأدباء للنقاد والباحثين بأن يوجّهوهم وجهة يعتبرونها "رشيدة"؟
وهل الوجهة الرشيدة في نظر الناقد أو الباحث هي وجهة رشيدة في نظر المنتج الأدبي أيضاً؟
توجيه الحركة الأدبية:
وفي كلّ الأحوال فإنّ طموح النقد الأدبيّ إلى توجيه الحركة الأدبية طموح مشروع، وبلا هذا الطموح يفقد النقد مسوّغاً رئيسياً من مسوّغات وجوده.
(1) من هؤلاء الأدباء الشاعر والكاتب المسرحي الألماني برتولد بريخت، الذي علّق على هذه المسألة بقوله: "إنني متهاون في أمور الملكية الفكرية".
أمّا الكاتب الفرنسي أندريه جيد فينسب إليه القول: "إنّ الأسد ليس أكثر من عدّة خراف مهضومة".
التسميات
أدب مقارن