التفاوت الجغرافي للنمو السكاني.. التباين في إيقاع وتيرة تطور سكان العالم هو نتيجة تضافر عدد من العوامل الاقتصادية السياسية الاجتماعية الثقافية

التفاوت الجغرافي للنمو السكاني:

سكان العالم لا يتزايدون بنفس الوتيرة في كل مكان فوق سطح الأرض فإذا كان معدل نمو السنوي لسكان العالم 1.2% خلال الفترة الممتدة بين 2000 و2005م فهو يشهد اختلافا كبيرا فيما بين المناطق وحتى فيما بين البلدان الموجودة داخل المنطقة.
وإحدى هذه الاختلافات تلك التي تفصل بين البلدان المتقدمة 0.3% والبلدان النامية 1.4%.

تزايد السكان في الدول المتقدمة:

لقد بدأ تزايد السكان في الدول المتقدمة (أوروبا) مند القرن 19م ليبلغ ذروته وبداية القرن 20م، وسجلت بداية انخفاضه منذ النصف الأول من القرن العشرين وعلى النقيض من ذلك انطلاق نمو السكان في دول الجنوب منذ النصف الثاني من القرن 20م أي بعد الحرب العالمية الثانية.

وتعيش الدول المتقدمة اليوم انخفاضا وتباينا (اختلافا) سكانيا في نمو سكانها إذ مر من 1.3 خلال فترة 1950 و1955 إلى 0.3 خلال فترة 2000 و2005م وتشهد هذه المجموعة اختلافات فيما بينها.
إذ تشهد كل من أستراليا ونيوزيلندا وكندا أعلى معدل للنمو السنوي للسكان 1%.
أما البلدان التي تقترب منها المعدلات إلى الصفر أو تنخفض عنه أي تعرف نمو سالبا فهي بلدان أوروبا بشكل عام.

فبالنسبة للتي تقترب فيها المعدلات من الصفر نجد كل من إيطاليا وألمانيا - %0.1 بلجيكا - سويسرا- النمسا  %0.2اليونان والدنمارك وبريطانيا %0.3  السويد وألبانيا وفرنسا  % 0.4.
أما التي تنخفض فيها فيها المعدلات عن الصفر نذكر منها على الخصوص دول أوربا الشرقية - %0.5 ومن بينها بلغاريا %-0.7. بيلاروسيا -0.6. روسيا -0.5. رومانيا %-0.4، هنغاريا %-0.3. .بولونيا %-0.1 وأوكرانيا -1.1% (خصوبة منخفضة).
هذا بالإضافة الى كل من استونيا وليتوانيا.
هذا النمو السالب لا ينتج عن ارتفاع الوفيات وإنما عن تدني الولادات.

انخفاض الخصوبة:

لكن انخفاض الخصوبة سجل بوتيرة مختلفة فإنها وصلت في جميعها إلى مستويات ضعيفة 1.4 لكل امرأة بحيث لتصل إلى المستوى الإحلالي للخصوبة والمقدر بـ 2.1 لكل امرأة بالنسبة للبلدان ذات المستوى الصحي الجيد.

ارتفاع معدلات النمو السكاني في الدول النامية:

أما فيما يتعلق بالدول النامية فإن معدلات النمو لازالت مرتفعة في أغلب دولها وإن شهدت هذه الأخيرة تراجعا ملحوظا خلال الفترة 1950 القليلة الماضية.

النمو السنوي في افريقيا:

ويصل معدل النمو السنوي في قارة افريقية 2000 و2005 إلى 2,2% وهو يخفي تفاوتا كبيرا بين المناطق إذ يتراوح بين 2.4% في افريقية الشرقية والغربية 2.7% في افريقية الوسطى مرورا بافريقية الشمالية 1.7 فالجنوبية 0.8 في حيث توجد أعلى معدلات النمو السكاني في ليسوتو وبتسوانا.

والمناطق التي توجد أعلى المعدلات للنمو السكاني بعد افريقية جنوب الصحراء هي غرب أسيا 2.1% ومرة أخرى هناك تفاوت فيما بين البلدان ففي الوقت الذي شهدت فيه بعض الدول معدلات مرتفعة بسبب كون إمكانيات الحصول على خدمات تنظيم الأسرة لا تزال محدودة وحيث الخصوبة مرتفعة والهجرة الوافدة مهمة.

النمو السنوي في آسيا:

كما هو الحال في الإمارات العربية المتحدة 6.5 والكويت 3.7 واليمن 3.1 والمملكة العربية السعودية والأردن 2.7 هناك دول أخرى تعرف معدلات سالبة مثل جورجيا 1.1- أرمينيا 0.4-

وتوجد مفارقات مماثلة في جنوب وسط آسيا في حين ظلت معدلات النمو مرتفعة في أفغانستان 4.6 وبوتان 2.2 باكستان 2% فإن حجم الأسرة في بنغلاديش آخذ في الانخفاض وانخفض معه معدل النمو إلى 1.9 وكذلك الهند 1.6 وإن كانت الإمكانيات الجيدة للحصول على تنظيم الأسرة مع ارتفاع مستويات التعليم فيما بين النساء إلى دعم الانخفاض في معدلات الخصوبة في جنوب الهند وسريلانكا.

في حين بقيت آسيا تتراوح معدلات النمو السكاني بين أقل من 1 في كل من سيريلانكا و النيلوندا 0.9 الصين 0.7 كوريا الشمالية 0.6 كوريا الجنوبية 0.4 واليابان 0.2 إلى أكثر من 2 في النيبال 2.1 للاوس 2.5.
ويرجع الفضل في دعم الانخفاض في حجم الأسرة إلى إمكانيات الحصول على خدمات جيدة لتنظيم الأسرة والارتفاع المتزايد في تعليم الإناث.

النمو السنوي في أمريكا اللاتينية:

أما أمريكا اللاتينية التي يعيش أكثر من نصف سكانها في البرازيل والمكسيك انخفضت معدلات النمو السكاني بها إذ مرت من 1.7% خلال فترة (1990-1995م) الى 1.4% خلال فترة (2000-2005م) وتنجب المرأة حوالي 2.5 في المتوسط.
ويقترب متوسط العمر المتوقع في أمريكا اللاتينية من متوسط العمر في بلدان الشمال الصناعية.

كما أن معدلات وفيات الرضع هي الأكثر تدنيا بين مناطق العالم النامية.
فإذا كان الدعم المالي الذي قدمته الحكومات لبرامج تنظيم الأسرة أساسا لتوسيع إمكانيات الحصول على الخدمات في آسيا فإن القطاع الخاص بما فيه المنظمات الغير الحكومية قد لعبت دورا أكبر بكثير في أمريكا اللاتينية.
ومن بين البلدان التي لعبت فيها الحكومات دورا هاما في توفير الخدمات المكسيك كوستاريكا وكوبا.

مجمل القول أن تطور سكان العالم لا يسير بنفس الوتيرة، فهناك مناطق ينمو سكانها بنسب نمو مرتفعة في حين تقابلها مناطق أخرى تتسم بنسب نمو بكونها ضعيفة جدا (نمو سالب) الأمر الذي ينجم عنه عدم توازن مناطق العالم سكانيا أما مناطق أهلة بالسكان مقابل مناطق تعاني نقصا في تزايدها أو مهددة بالعجز الديموغرافي (أوروبا مثلا).
وهذا التباين في إيقاع وتيرة تطور سكان العالم هو نتيجة تضافر عدد من العوامل الاقتصادية السياسية الاجتماعية الثقافية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال