يؤكد عبد المعطي حجازي الاختلاف بين حداثة القدماء وحداثة المعاصرين.
على أنه لم ينف وجود روابط بين العصور، ذلك أن المعاصرين (من يكتب حتى الآن بلغة كلغة القدماء ويحس كما يحسون.
كما أن القدماء كان فيهم من يكتب بلغة قريبة من لغتنا وتشغله هموم كهمومنا).
وهذا يعني أن حداثة المعاصرين قد تلتقي مع حداثة القدماء إذا تشابهت الهموم واللغة.
وأن بين حداثة القدماء ما يبقي حديثنا على مر العصور مثل شعر المتنبي مثلاً.
وعلى هذا فإن حداثة هذا العصر لا تجب حداثة العصور السابقة.
على أن هذا لا ينفي أن لكل شاعر حداثته المختلفة باختلاف نظرته إلى هذه الهموم، وطريقة استعماله للغة تبعاً لذلك.
فوجود التشابه لا ينفي وجود الاختلاف، بل إن الاختلاف قد يكون في قصائد الشاعر الواحد ذاته من حيث درجة حداثتها.
وما دام هناك اختلاف بين حداثات العصور بل بين حداثات العصر الواحد فليس ثمة مقياس محدد للحداثة.
ومادام ليس هناك مقياس للحداثة فلا يجوز أن تتخذ حداثة ما مقياساً لبقية الحداثات.
من هنا يدعو حجازي إلى ضرورة الاستقراء وعدم الانطلاق من قواعد مسبقة أو أحكام جاهزة.
فهو يرى أن لكل إبداع حداثته الخاصة، فللأدب الغربي حداثته وللأدب العربي حداثته أيضاً.
الحداثة حداثات ولا ينبغي تطبيق مقياس حداثة على حداثة أخرى.
فما ينطبق على حداثة الغرب لا ينطبق بالضرورة على حداثة العرب.
فالحداثة (ليست نموذجاً مطلقاً يعمم على جميع الآداب ويصلح لها بل هي فعل تاريخي يخضع لمعطيات كل تجربة أدبية وإن استفاد من تجارب أخرى).
التسميات
دراسات شعرية