المعاصرة والحداثة عند عبد المعطي حجازي.. تعبير غير عادي عن موقف الشاعر من مشكلات هذا العالم لا رفض للعالم في ذاته

إذا كانت المعاصرة عند عبد المعطي حجازي تصوراً جديداً لأشياء العالم فهي والحداثة شيء واحد.

وهذا يعني أن حجازي لا يميز بين مفهومي الحداثة والمعاصرة من حيث الاستعمال.

على أن مصطلح المعاصرة مرتبط بالعصر سواء أكان الارتباط سطحياً أم جوهرياً، وهو لا يعني بالضرورة تفكيراً جديداً في معطيات الكون إذ قد يتعلق بمظاهر الحياة الخارجية دون روحها.

فالشاعر قد يكتفي بوصف الأشياء من الخارج ويحمل تفكيراً مختلفاً عن عصره.

كما أن الحداثة قد تكون عند بعض الشعراء لهاثاً وراء المظهر دون المخبر وبهذا تكون مجرد مواكبة سطحية للحياة.

وهي لدى البعض مفهوم شامل للحياة في مرحلة ما ونظرة كلية وموقف عام من العصر.

ومن هنا فإن المصطلح قد يستعمل استعمالاً إيجابياً وقد يستعمل استعمالاً سلبياً، كما أنه قد يكون عند البعض كلياً وعند آخرين جزئياً.

وإذا كان حجازي يستعمل المعاصرة بمعنى واحد مع الحداثة فما هو مفهومه للحداثة؟

إن الحداثة عنده هي (الإجابة التي يقدمها الشاعر الحديث أو المعاصر على الأسئلة المطروحة عليه لا من داخل نفسه فحسب، وإنما من الواقع المحيط به أيضاً، وليس من الحاضر فقط بل من الماضي كذلك).

الحداثة هنا محاولة لتفسير ما يطرحه الواقع الخارجي والداخلي في علاقته بالماضي والحاضر على الشاعر الحديث أو المعاصر (وهو هنا يستعمل الحديث والمعاصر بمعنى واحد أيضاً).

هي إذاً موقف خاص مما يجري في العالم من مشكلات إذ لكل شاعر إجابته.
الحداثة هنا ليست واحدة ولكنها متعددة بتعدد الشعراء أنفسهم.

وهي شاملة من جهة أخرى لأنها مرتبطة بالواقع النفسي والاجتماعي في الحاضر والماضي.

وإذا كانت الحداثة عند حجازي تساؤلات عن الواقع وإجابة جديدة عن حقيقته فإن هذا يقتضي أن يعبر الشاعر عن ذلك تعبيراً جديداً أيضاً.

ومن هنا يرى حجازي أن الحداثة تعبير غير عادي عن موقف الشاعر من مشكلات هذا العالم لا رفض للعالم في ذاته.
فالحداثة عنده تفسير خاص للعالم وتعبير خاص عنه أيضاً.

على أن رفض العالم لا ينفي الحداثة لأن رفض الشيء قد يكون من خلال الوعي به وإدراكه واتخاذ موقف منه.
ومن ثم فرفض العالم مثل قبوله هو موقف من العالم ذاته.

ومثلما أن قبولـه لا يعني بالضرورة استسلاماً لـه فإن رفضه لا يعني بالضرورة هروباً منه.
فقد يكون دعوة إلى تجاوزه وتحقيق عالم أفضل منه.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال