الواقع الاجتماعي والسياسي مصدر الإبداع عند رواد الشعر العربي الحر.. الواقع دافع إلى البحث عن الجديد في الفن والحياة

يتفق رواد الشعر العربي الحر على أن الواقع الاجتماعي والسياسي مصدر أساسي في عملية الإبداع، منه يأخذون مادتهم ليعيدوا تشكيلها من أجل الوصول إلى عالم فني أغنى.

وهم يشيرون إلى أثر هذا الواقع فيما يكتبون وإن كانوا لا يتقيدون بما فيه إذ يتجاوزونه إلى ما ينبغي أن يكون.
ويذكرون هذا الواقع كدافع إلى البحث عن الجديد في الفن والحياة.

فالسياب يذهب إلى أن الحركات التحررية في المجتمعات العربية بعد الحرب العالمية الثانية كانت وراء البحث عن أسلوب ثائر.

ويؤكد بلند الحيدري أثر المجتمع في البحث عن شكل جديدة للقصيدة في العراق بعد الحرب العالمية الثانية التي خلقت مشاكل جديدة تبحث عن حلول جديدة.

فأثر المجتمع هنا عام لأنه يدفع الشاعر إلى البحث والتفكير عن الحل ولا يعطيه الحل.
الأثر غير مباشر أما الكيفية فتعود إلى ذات الشاعر ومدى تفاعلها مع أحداث المجتمع، ومدى قدرتها على إيجاد الحل المناسب.

ويرى يوسف الخال أن الحياة الجديدة في المجتمعات العربية دفعتهم إلى التجديد والخروج عن أوزان الخليل، فكان التفكير في شكل جديد خاص يختلف عن أشكال القدامى.

ويقر أدونيس أيضاً بأن الشعر العربي الحديث إنما هو نتيجة ضرورة فرضتها المرحلة التاريخية الجديدة وليس مجرد رغبة في التجديد.

فقد واجهت المرحلة الشاعر بأسئلة جديدة دفعته إلى أن يعيد النظر في اللغة الشعرية وطرائق التعبير المألوفة وابتكار طريقة جديدة في استعمال اللغة.

فالواقع الاجتماعي والسياسي من هنا يطرح أسئلة ولا يعطي جواباً، فهو مجرد حافز على البحث والكشف.

وبهذا يكون تأثيره عاماً وغير محدد إذ يدفع العالم والفيلسوف ورجل الدين والشاعر إلى العمل كل في مجاله وبوسائل مختلفة.

إن الشاعر لا ينطلق من فراغ فيما يبدعه مهما كان منعزلاً كما ترى نازك الملائكة.
على أنه إنما يرى الواقع رؤية شاعر لا رؤية عالم أو فيلسوف ويعبر عنه بطريقته الخاصة.

فالمجتمع إنما يوفر المادة الأولية التي ينطلق منها الشاعر في صياغة عالمه الفني.

ومعنى ذلك أن أثر المجتمع إنما يتحدد في أنه دافع إلى البحث والتفكير أو لا، وفي أنه يقدم جملة معطيات ينطلق منها العالم والفيلسوف ورجل الدين والفنان ثانياً.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال