الحروف الجازمة فعلا واحدا.. لم. لما. لام الأمر. لا الناهية

الجازم فعلا واحداً:
الجازم فعلا واحداً أربعةُ أحرفٍ وهي: "لم ولما ولامُ الأمر ولا الناهية" وإليك شرحَها:
لم ولما: تُسمّيانِ حرفيْ نفيٍ وجزمٍّ وقلبٍ، لأنهما تَنفيان المضارعَ، وتجزِمانهِ، وتقلبانِ زمانَه من الحال أو الاستقبال الى المضيّ، فإن قلتَ: "لم أكتبْ" أو "لمّا أكتُبْ"، كان المعنى أنكَ ما كتبتَ فيما مضى.

والفرق بين "لم ولمّا" من أربعة أوجهٍ:
(1) أنّ "لم" للنفي المُطلَقِ، فلا يجب استمرارُ نفيِ مصحوبها إلى الحال، بل يجوز الاستمرار، كقوله تعالى: {لم يَلِدْ ولم يولَدْ}، ويجوز عَدَمه، ولذلك يصِحُّ أن تقول: "لم أفعل ثمَّ فعلت".

وأما "لمّا" فهي للنفي المستغرق جميع أجزاء الزمانِ الماضي، حتى يَتصل بِالحالِ، ولذلك لا يصحُّ أن تقول: "لمّا أفعلْ ثم فعلت"، لأنَّ معنى قولكَ "لمّا أفعل" أنك لم تفعل حتى الآن، وقولك: "ثم فعلتُ" يناقضُ ذلك. لهذا تُسمّى "حرفَ استغراقٍ" أيضاً لأن النفي بها يستغرق الزمانَ الماضيَ كله. 

(2) أن المنفي لم لا يتوقَّع حصوله، والمنفيَّ بِلمّا مُتوقَّع الحصول، فإذا قلتَ: "لمّا أسافِرْ" فسفركَ مُنتظَرٌ.

(3) يجوز وقوع "لم" بعد أَداةِ شرط، نحو: "إن لم تجتهد تندم". ولا يجوز وقوع "لمّا" بعدها.

(4) يجوز حذفُ مجزومِ "لمَّا"، نحو: "قاربت المدينة ولمَّا"، أَي: "لوما أُدخلْها". ولا يجوز ذلك في مجزوم "لم"، إلا في الضرورة، كقول الشاعر:
احفَظْ وَديعَتَكَ التي استُودعتَها -- يومَ الأَعازِبِ، انْ وَصلتَ وانْ لمِ

أي: "وإن لم تَصِلْ" ويُروى: "إن وُصِلْتَ" بالمجهول، فيكون التقديرُ: (وإنْ لم توصَلْ)، قال العينيُّ: وهو الصواب.
ولامُ الأمرِ: يُطلَبُ بها إحداثُ فعلٍ، نحو: {لِيُنفقْ ذو سَعةٍ من سَعَتِه}.
ولا الناهية: يُطلَبُ بها تركُه، نحو: {ولا تَجعلْ يَدكَ مغلولة إلى عُنُقِكَ، ولا تَبسُطها كلَّ البسطِ، فَتَقعُدَ ملوماً محسوراً}.

فوائد:
(1) لما، الداخلة على الفعل الماضي، ليست نافية جازمة، وانما هي بمعنى "حين" فإذا قلت "لما اجتهد أكرمته".
فالمعنى: حين اجتهد أكرمته. ومن الخطأ إدخالها على المضارع اذا أريد بها معنى "حين"، فلا يقال "لما يجتهد أكرمه" بل الصواب أن يقال: "حين يجتهد"، لأنها لا تسبق المضارع إلا اذا كانت نافية جازمة.

(2) لام الأمر مكسورة، الا اذا وقعت بعد الواو والفاء فالأكثر تسكينها، نحو: فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي". وقد تسكن بعد "ثم".

(3) تدخل لام الأمر على فعل الغائب معلوماً ومجهولاً، وعلى المخاطب والمتكلم المجهولين: وتدخل "لا الناهية على الغائب والمخاطب معلومين ومجهولين. وعلى المتكلم المجهول. ويقل دخولهما على المتكلم المفرد المعلوم. فإن كان مع المتكلم غيره، فدخولهما عليه أهون وأيسر، نحو: "ولنحمل خطاياكم" وقول الشاعر:
إذا ما خرجنا من دمشق، فلا نعد -- لها أبداً. ما دام فيها الجراضم

وذلك لأنَّ الواحد لا يأمر نفسه، فإن كان معه غيره هان الأمر لمشاركة غيره له فيما يأمر به، وأقل من ذلك دخول الكلام على المخاطب المعلوم، لأن له صيغة خاصة وهي "إفعل" فيستغنى بها عنه.

(4) اعلم ان طلب الفعل أو تركه، ان كان من الأدنى إلى الأعلى، سمي "دعاء" تأدباً. وسميت اللام و "لا" حرفي دعاء، نحو: {ليقض علينا ربك} ونحو: {لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا}وكذلك الأمر بالصيغة يسمى فعل دعاء، نحو: {رب اغفر لي}.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال