فهم التراث عند عبد الوهاب البياتي.. حركة الإحياء شكلية اقتصرت على الناحية الفنية من التراث فوجدت فيه النموذج الأعلى للتعبير الفني فقلدته

يركز عبد الوهاب البياتي على الواقع في التعامل مع التراث، ذلك أن فهم التراث لا يمكن أن يكون بمعزل عن المجتمع.

فالشاعر إنما يختار الصالح ويستبعد الفاسد من التراث على ضوء الواقع الذي يحيا فيه.
فالواقع هو معيار الرفض والقبول عند البياتي.

ولا يمكن للشاعر أن يصل إلى رؤية جديدة إلا من خلال إيجاد العلاقة بين الماضي والحاضر.
ومن هذه الرؤية الجديدة يبدع شعره الجديد.

فالإبداع تواصل مع التراث وانقطاع عنه معاً، ارتباط به وثورة على المفاسد منه حتى لا يكون نسخة عنه وتقليداً لـه.

والجديد ليس هدماً للقديم بل هو تشكيل جديد لـه على ضوء التجربة الحديثة.
وقد لاحظ البياتي أن تعامل الشاعر مع التراث يختلف من مرحلة إلى أخرى.

فحركة الإحياء كانت شكلية لأنها اقتصرت على الناحية الفنية من التراث فوجدت فيه النموذج الأعلى للتعبير الفني فقلدته.

وتراوحت المرحلة الثانية بين الهجوم والدفاع إذ يرى البعض أن هذا التراث الأدبي لا يثبت أمام التصورات والمبادئ الأدبية الوافدة ويسعى آخرون إلى تأكيد انطباق هذه التصورات والمبادئ على هذا التراث.

أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة شعراء الحداثة الذين لم يقطعوا صلتهم بالتراث معنوياً وإن انفصلوا عنه شكلياً من خلال اطراحهم للشكل القديم.

فهم قد انفصلوا عنه لكي يقفوا منه مع ذلك على بعد بعينه يمكنهم من رؤيته أصدق وتمثله تمثلاً أعمق.

ويلخص البياتي الموقف الثالث فيما يلي:
1- ضرورة تقدير التراث في إطاره الخاص من حيث هو كيان مستقل تربطنا به وشائج تاريخية.

2- إعادة النظر إليه في ضوء المعرفة العصرية لتقدير ما فيه من قيم ذاتية باقية روحية إنسانية.

3- توطيد الرابطة بين الحاضر والتراث عن طريق استلهام مواقفه الروحية والإنسانية في إبداعنا العصري.

4- خلق نوع من التوازن التاريخي بين الجذور الضاربة في أعماق الماضي والفروع الناهضة على سطح الحاضر.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال