يجوزُ الإدغامُ وتركُهُ في أربعة مواضعَ:
- الأول: أن يكون الحرفُ الأولُ من المثْلين متحركاً، والثاني ساكناً بسكونٍ عارضٍ للجزْمِ أو شبْههِ، فتقولُ: "لم يَمُدَّ ومُدَّ"، بالإِدغامِ، و "لم يَمْدُدْ" بفكّهِ. والفكُّ أجودُ، وبه نَزَلَ الكتابُ الكريمُ.
قال تعالى: {يكادُ زيتُها يُضيءُ، ولو لم تَمْسَسْه نارٌ} وقال: {واشدُدْ على قلوبهم}.
وإن اتَّصل بالمُدغَمِ فيه ألفُ الأثنينِ، أو واوُ الجماعة، أو ياءُ المخاطبة، أو نونُ التوكيد، وجبَ الإدغامُ، لزَوالِ سكونِ ثاني المِثْليْنِ، مثلُ: "لم يَمُدَّا ومُدَّ، ولم يَمُدُّوا ومُدُّوا، ولم تَمدِّي ومُدِّي، ولم يَمُدَّنْ ومُدَّنْ، ولم يَمدَّنَّ ومُدَّنَّ"، أما إن اتصل به ضمير رفعٍ متحركٌ فيمتنعُ الإدغامُ، كما سيأتي.
وتكونُ حركةُ ثاني المثْلين المُدغَميْن في المضارع المجزوم والأمر، اللَّذين لم يتَّصل بهما شيءٌ، تابعةٌ لحركة فائه، مثلُ: (رُدُّ ولم يَرُدُّ، وعَضَّ ولم يَعضَّ، وفِرَّ ولم يَفرَّ) هذا هو الأكثرُ في كلامهم.
ويجوزُ أيضاً في مضموم الفاء، معَ الضمِّ، الفتحُ والكسرُ. "كرُدَّ ولم يرُدَّ، ورَدَّ ولم يَرُدَّ.
ويجوزُ في مفتوحها، مع الفتحِ الكسرُ، كعَضَّ ولم يَعَضَّ.
ويجوز في مكسورها، مع الكسرِ، الفتحُ. كفرَّ ولم يَفرَّ.
ونعلم من ذلك أن المضموم الفاء يجوز فيه الضم والفتح، ثم الكسر، والكسر ضعيف، والفتح يشبه الضم في قوته وكثرته، وأنّ المفتوح الفاء يجوز فيه الفتح، ثم الكسر، والفتح أولى وأكثر، وأن المكسور الفاء يجوز فيه الكسر والفتح، وهما كالمتساويين فيه.
ويكون جزم المضارع حينئذ بسكون مقدر على آخره، منع من ظهوره حركة الإدغام، ويكون بناء الأمر على سكون مقدر على آخره، منع من ظهوره حركة الإدغام أيضاً.
واعلم أن همزة الوصل في الأمر من الثلاثي المجرد، مثل: "أمدد"، يستغنى عنها بعد الإدغام، فتحذف، مثل: "مد"، لأنها إنما أتي بها للتخلص من الإبتداء بالساكن، وقد زال السبب، لأن أول الكلمة قد صار متحركاً.
- الثاني: أن يكونَ عينُ الكلمةِ ولامُها ياءَيْنِ لازماً تحريك ثانيتِهما، مثل (عييَ وحييَ، فتقولُ: (عَيَّ وحَيَّ)، بالإدغام أيضاً.
فإن كانت حركةُ الثانيةِ عارضاً للإعراب، مثل: (لَن يُحييَ، ورأيتُ مَحيِياً)، إمتنع إدغامُهُ. وكذا إن عَرَض سكون الثانية مثل: عييت وحيِيتُ.
- الثالث: أن يكون في أول الفعل الماضي تاءَان، مثلُ: "تتابعَ وتَتَبّعَ"، فيجوز الإدغامُ، مع زيادة عمزة وصلٍ في أوله، دفعاً للابتداء بالساكن، مثلُ: "إتَابعَ واتّبَّع".
فإن كان مضارعاً لم يَجز الإدغام، بل يجوز تخفيفه بحذف إحدى التاءَين، فتقول في تتجلى وتتلظّى: "تجَلى وتلظّى"، قال تعالى: "تنزَّلُ الملائكةُ والرُّوح"، وقال: "ناراً تلظّى" (أي: تتنزَّلُ وتتلظَّى). وهذا شائعٌ كثيرٌ في الاستعمال.
- الرابعُ: أن يتجاوَز مثْلانِ متحركان في كلمتين، مثل: (جعل لي وكتبَ بالقلم، فيجوز الإدغام، بإسكان المِثْلِ الأول، فتقول: "جَعَلْ لي، وكتبْ بالقلمِ". غير أنَّ الإدغام هنا يجوز لفظاً لا خطًّا).
التسميات
نحو