يؤكد يوسف الخال ما ذهب إليه الحيدري وحجازي حيث يقرر أن الحداثة جوهر لا شكل.
فهي ليست زياً خارجياً يقتبسه الإنسان وإنما هي عقلية جديدة تتجاوز الظاهر إلى الباطن.
وعلى هذا الأساس يستبعد الشعراء الذين يصفون مظاهر الحياة الجديدة بدعوى أن ذلك من الحداثة، وإن كانوا يعيشون بعقلية قديمة وإحساس قديم بالأشياء.
فالحداثة تطور عقلي وتوغل في روح العصر وموقف جديد من قضايا الحياة.
ومن ثم فالحداثة الشعرية عنده ليست مجرد تحطيم لوحدة البيت أو تنويع القوافي أو التمسك بالوزن، بل تعبير عن عقلية جديدة تنظر إلى الحياة بمنظار حديث.
فالشكل الجديد دون مضمون جديد افتعال كاذب، ذلك أن الشعر الحديث مفهوم جديد للشعر وللحياة معاً.
الحداثة ليست جزئية فيكون الشاعر حديثاً في الحياة مقلداً في الشعر أو التفكير، بل هي مفهوم شامل يعود إلى العقلية أولاً.
وعلى هذا الأساس فإن الحداثة عند يوسف الخال حركة إبداع تماشي الحياة في تغيرها الدائم، ولا تكون وقفاً على زمن دون زمن، فحيثما يطرأ تغير على الحياة التي نحياها فتتبدل نظرتنا إلى الأشياء يسارع الشعر إلى التعبير عن ذلك بطرائق خارجة عن السلفي والمألوف.
فالحداثة الشعرية خروج عن الطرق التعبيرية المألوفة نتيجة تطور معرفي بتطور الحياة ذاتها.
فلا يمكن للشاعر أن يطور في أدواته الفنية دون أن تتطور معرفته بما حوله.
على أن التعبير الجديد عند الخال يبدو انعكاساً طبيعياً لتطور نظرة الشاعر إلى الحياة الجديدة.
فهو ليس خلقاً وإبداعاً لأنه يماشي الحياة ولا يسبقها يتبعها ولا يقودها.
الشعر هنا يواكب الحياة، يتغير بتغيرها ولكن لا يغيرها.
وهذا فهم سلبي للشعر من حيث أراد صاحبه عكس ذلك.
فحداثة الشعر هنا تابعة لحداثة الحياة، وما ربط يوسف الخال للشعر بلغة الحياة اليومية كما سنرى لاحقاً إلا دليل على ذلك.
الحداثة الشعرية عنده مطابقة لواقع الحياة لا تجاوز له، والإبداع مسايرة لسير الحياة.
التسميات
دراسات شعرية