تأثير علماء الأحاديث واللغة في فن المقامات: الإسناد

إسناد المقامات: تأثر بعلماء الحديث واللغة

تمهيد:

يُعدّ الإسناد تقليدًا شائعًا في العلوم العربية والإسلامية، وخاصّةً في علم الحديث، حيث يُنقل الحديث النبوي بسلسلة من الرواة حتى يُوصل إلى مصدره الأصلي.

تأثر كتّاب المقامات:

تأثّر كتّاب المقامات بهذا التقليد، فاستخدموا الإسناد في بداية مقاماتهم، ممّا أضفى عليها صبغةً من الواقعية والمصداقية.

أمثلة على استخدام الإسناد:

  • بديع الزمان الهمذاني: استهلّ معظم مقاماته بقوله: "حَدَّثَنَا عِيسَى ابْنُ هِشَامٍ قَالَ:..."، مقلّدًا بذلك أسلوب المحدثين.
  • الحريري: تنوّعت صيغ الإسناد عنده، فاستخدم صيغًا مثل: "حَدَّثَ الْحَارِثُ بْنُ هَمَّامٍ قَالَ..." و"رَوَى الْحَارِثُ بْنُ هَمَّامٍ قَالَ..." و"أَخْبَرَ الْحَارِثُ بْنُ هَمَّامٍ قَالَ...".
  • ابن الصيقل الجزري: سار على درب الهمذاني والحريري في استخدام الإسناد، مع استثناء صيغة "قال فلان:...".
  • السيوطي: جدّد في مستهلّ مقاماته، فاستخدم آيات قرآنية وآثار نبوية وصيغًا إبداعية أخرى.

الإسناد في المقامات الأندلسية:

  • ابن شرف: يسند المقامة إلى نفسه صراحةً دون راوٍ.
  • السرقسطي: يسند المقامة إلى شخصين: راوٍ يروي عن راوٍ آخر، أو إلى شخص واحد.
  • ابن المرابع الأزدي: يسند الرواية إلى نفسه أيضًا.
  • ابن الخطيب: يُطوّر مستهلّ المقامات ويستخدم صيغًا متنوعة منها الشعر والخطاب المباشر.

تحليل ظاهرة الإسناد:

  • حرص على الواقعية: سعى كتّاب المقامات إلى إضفاء صبغةٍ من الواقعية على رواياتهم من خلال استخدام الإسناد.
  • تأثر ببديع الزمان: تأثّر كتّاب المقامات بنَهج "بديع الزمان" في استخدام الإسناد.
  • تطوّر تدريجي: شهدت صيغ الإسناد تطوّرًا تدريجيًا مع مرور الوقت وانفتاحًا على أساليب جديدة.
  • وظيفة فنية: لم يقتصر استخدام الإسناد على الجانب الشكلي بل وظّف كتّاب المقامات الإسناد توظيفًا فنيًا لخدمة أغراضهم الأدبية.

خاتمة:

يُعدّ الإسناد ظاهرة بارزة في فن المقامات، عكس مدى تأثّر كتّاب المقامات بعلماء الحديث واللغة، مما أضفى على هذا الفنّ ثراءً وتنوّعًا فريدًا.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال