علاقة المقامة بالرسالة والمقالة:
تتميز المقامات الأندلسية بِمَزْجِها الواضح مع فنون الرسالة والمقالة، ويُعدّ هذا السّمة مُميّزةً تُميّزها عن المقامات المشرقية.
مقامات السرقسطي:
يُشكّل "السرقسطي" استثناءً من هذه القاعدة، ففي "مقاماته اللزومية" ابتعد عن أسلوب الرسائل والمقالات، واقتصر على السّرد المُباشر للأحداث والمواقف.
أسباب التداخل:
يرجّح "الدكتور إحسان عباس" أنّ هذا التداخل يعود إلى:
- قلة ظاهرة التسوّل في الأندلس: خلافًا للمشرق، لم تكن ظاهرة التسوّل منتشرةً في الأندلس، ممّا دفع الكتّاب إلى ابتكار أساليب جديدة لِسَردِ حكاياتهم وعرض أفكارهم.
- تأثير البيئة الاجتماعية: تميّز المجتمع الأندلسيّ بِحُبّه للمعرفة والنقاشات الفكرية، ممّا انعكس على محتوى المقامات وَجَعَلَهَا تُشبه المقالات في طرحها للقضايا الاجتماعية.
أمثلة على تداخل المقامات مع الرسائل والمقالات:
- مقامة العيد لابن المرابع الأزدي: تُشبِه هذه المقامة المقالة الاجتماعية لِما فيها من وصف دقيق للعادات والتقاليد الأندلسية في عيد الفطر.
- مقامات ابن الخطيب: تُعدّ مقامات "ابن الخطيب" السياسية نموذجًا واضحًا على تداخل المقامات مع المقالات السياسية. ففيها يعرض "ابن الخطيب" أفكاره حول الحكم وصلاحيات الولاة والوزراء.
المقامة فنّ عربي خالص:
على الرغم من تداخل المقامات الأندلسية مع فنون الرسالة والمقالة، إلاّ أنّها تُحافظ على خصائصها الأساسية كفنّ عربي خالص.
- الشكل: تعتمد المقامات على سَردِ حكاياتٍ مُتَسلسلة تتخللها مواقف طريفة ومُفْتَعَلَة.
- اللغة: تتميز المقامات بأسلوبها اللغويّ الفريد الذي يمزج بين الفصحى والعامية.
- المحتوى: تعكس المقامات الواقع الاجتماعي والثقافي في زمنها، وتُقدم نقدًا لاذعًا لِبعضِ الظواهر السلبية.
غياب أسس نقدية:
- يُشير الكاتب إلى أنّ المقامة تفتقر إلى أسس نقدية واضحة تُحدّد خصائصها وتميّزها عن غيرها من الفنون الأدبية.
- ويُطالب بِدِراسة المقامة من منظور الشكل لا من منظور النوع، مُشبّهًا إيّاها بالقصيدة التي هي "شكل" لا "نوع".
المقامة: شكلٌ لا نوع:
يُؤكّد بعض الباحثين أنّ المقامة يجب النظر إليها كشكلٍ أدبي لا كنوعٍ محدد، مشابهةً في ذلك للقصيدة.
غياب أسس نقدية موحّدة:
يُشير الكاتب إلى أنّ غياب أسس نقدية واضحة وموّحدة للمقامة يُصعّب تصنيفها بشكلٍ دقيق، مما يُتيح المجال لوجود تداخلات مع فنونٍ أدبيةٍ أخرى.
خاتمة:
تُشكّل المقامات الأندلسية ظاهرة أدبية فريدة تُجسّد إبداع الكتّاب الأندلسيين وَقُدرتهم على ابتكار أساليب جديدة لِسَردِ حكاياتهم وعرض أفكارهم.
وإن كان هذا الفنّ قد تأثر ببعض الفنون الأخرى، إلاّ أنّه حافظ على هويّته العربية وَأصبح رمزًا من رموز الإبداع الأدبيّ العربي.
التسميات
فن المقامة