النقد على الصعيدين الدعوي والعلمي.. نقائص وقلة فهم وسجالات شتائم وتعقبات غير سليمة وتجريحات دامية

على الصعيد العلمي والدعوى تلتهب (قضية النقد) حتى تصير سجالات شتائم، وتعقبات غير سليمة، وتجريحات دامية، وانتقلت من كونها نصيحة مليحة إلى تعليقة قبيحة، ضيعت الأصول والآداب والغايات.
فالنقد في هذين المجالين ليس موضوعياً، ويعمد إلى التشفي والانتقام والإقحام، ويجعل من الصغائر كبائر، وكثيراً ما تتهم فيه النوايا، فالداعية الباذل المجاهد، قالوا يطمح في الظهور وضم الاتباع، وصاحب الدروس العلمية باغي التصدر والقيادة.
والخطيب المصقاع، كلامه أكثر من فعاله، وهكذا جُعل النقد في كل صغيرة وكبيرة، وجعلوه من وسيلة إصلاح إلى وسيلة هدم وكفر وتدمير، تقتل الطاقات، وتهدر الجهود وتشيع التخذيل والتثبيط والتشكيك، ولا ريب أن النقد إذا صار بهذه المثابة فإنه مردود، لأنه وضع في غير محله وسار على غير سبيله ودربه.
والمشكلة في الوسائل الدعوية الظاهرة، أن هؤلاء الناقصين لا يلتفتون فيها إلا إلى مسألة الظهور وبغية التفوق والانتصار، ويهملون تأهل المتحدث واكتماله، وثناء الناس عليه ووميض صدقه وإخلاصه، وحصول النفع بحديثه وكثرة الطلاب المحبين، وأدبه وإنصافه وحرصه على الجماعة، والالتقاء وغيرها من القرائن والأحوال التي تكشف الحقيقة، وتعلن المضمر والمستور.
لكن الأفهام السقيمة ما تنفك، تجعل من شيوع الخيرات ظروفاً للدنايا والسيئات، عوض القصور والتقليد والمحاكاة والسطحية، وحينئذ تكون معذورة لأنها لم تفقه الدعوة بعد، ولن تفقهها حتى تتجاور ظلالها وتعيش في غير آفاقها، وتصحح أفهامها وتجدد أساليبها وطرائقها.
وعلى الجانب الروحي والأخلاقي يساء فهم قضايا كثيرة، ولعلي أمثل بما طرأ في زماننا هذا من حب العزلة وإيثارها على الخلطة والمشاركة، والدعوة إلى الزهادة والتقلل من الدنيا، وجعل العبادة حكراً على أوراد معينة وعبادات مخصوصة، وإهمال جوانب أخرى من الطاعات وطرق الخير، في حين أن هؤلاء يتجاهلون دور النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة والإصلاح مع تمام زهده وبليغ تقشفه وكذلك أدوار الأئمة العاملين والمصلحين النابهين.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال