يعد المفكر المصري علي أحمد مدكور أحد المساهمين التربويين في مجال التنظير التربوي الروحاني الإسلامي.
ففي سياق حديثه عن عناصر المنهج التربوي في التصور الروحاني، يقول هذا الباحث: "إن من أهم عوامل فشل المناهج التربوية هو عدم تحديد أهدافها تحديدا يتسق مع الإنسان من حيث مصدر خلقه، ومركزه في الكون ووظيفته في الحياة وغاية وجوده".
يمكن أن نفهم من كلام على أحمد مدكور أن الأهداف مهما كان صنفها (معرفي أوجداني أو نفسي حركي) يجب أن تصب في تحقيق نشاط واحد، هو تحقيق التكامل بين الأصناف الثلاثة، ليصب هذا التكامل في عبادة الله وحده، ولا يتحقق هذا التكامل بين الجوانب المعرفية والوجدانية والنفسية الحركية، إلا إذا شمل المستويات المتضمنة داخل كل جانب من هذه الجوانب، "فالتركيز على الجانب المعرفي ليس منصبا على مستوى التذكر وحده، أو الفهم وحده، أو التطبيق أو التحليل أو التركيب، أو التقويم وحده، بل هو منصب أيضا على جميع هذه المستويات، بحيث تتكامل فيما بينها.
والتركيز على الجانب الحركي، ليس منصبا على التدريب على المهارة البسيطة وحدها، ولا على المهارة المركبة وحدها؛ بل هو منصب على جميع المهارات التي تكون الجانب الحركي في المعرفة الإنسانية بطريقة متكاملة".
إنه بالفعل تكامل جوانب النفس الإنسانية الذي تدعو النظريات الروحانية إلى تحقيقه في العمل التربوي، وهو ما يمكن أن يتحقق من خلال تحديد أهداف تركز على الجانب المعرفي والوجداني والجسمي في آن واحد، حتى لا يحدث خلل أو عدم توازن في النفس الإنسانية.
أما فيما يخص الإجراءات العملية لتحقيق أهداف التربية الروحانية، فتكمن - حسب أحمد مدكور- في تعليم الفرد كيفية "الإصغاء، وتنمية قابليته للتأثر، وتطوير قدراته الحدسية، وتعليمه التضحية والتذاوب الروحاني؛ فالتربية الحقيقية هي تلك التي تؤدي إلى الحصول على النشوة وعلى اللذة العالية في التعلم".
باعتباره أحد المساهمين في تكريس نظرية تربوية روحانية ذات اتجاه إسلامي، نجد أحمد مدكور يخصص في كتابه "نظريات المناهج التربوية" فصلا كبيرا يتحدث فيه عن أساليب وطرائق التدريس.
ويكفي أن نذكر هنا أنه يترك الباب مفتوحا أمام كل طرائق التدريس التي تمكن المربي من تحقيق أهداف المنهج التربوي الإسلامي، فهو يؤكد أن جميع الطرائق هي طرائق سليمة، "سواء ما كان موجودا منها الآن أو ما سيوجد فيما بعد".
فهو لا يفضل طريقة على أخرى، عندما يتعلق الأمر بتحقيق أهداف المنهج التربوي؛ فالطريقة الحوارية بجميع أنواعها الحرة أوالموجهة، وطريقة القدوة (النمذجة) وطريقة حل المشكلات، وطريقة الملاحظة والتجربة وغيرها من طرائق التدريس وأساليبه.
كلها طرائق يمكن المزج بينها حسب متطلبات الموقف التعليمي، وفعالية الطريقة وتأثيرها يختلفان باختلاف مستويات الأهداف التي يسعى المدرس إلى تحقيقها، وباختلاف طبيعة المادة أو المحتوى الذي تتناوله، وبمدى كفاءة المعلم وحذقه في استخدام الطريقة، وباختلاف نوعيات وأعداد التلاميذ وبمدى توافر البيئة المدرسية المناسبة والتجهيزات الملائمة.
التسميات
أهداف التربية