حرية إبداء الرأي من أهم حقوق الإنسان في الإسلام بل هي واجب فيما يخص الصالح العام وقد منح الإسلام الناس حرية الكلام من منطلق النصيحة وافتراض النية الحسنة لدى المتحدث بل كانت توجيهات المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا الصدد أبعد من ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم: (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر)([1]). ومفهوم الحديث واضح في الحث على قول الحق وحرية الكلام في أصعب المواقف مع عدم الإخلال بالأدب وحسن التعامل مع ولاة المسلمين؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: (أنزلوا الناس منازلهم)([2]). فإذا كانت حرية الكلام مكفولة في الإسلام لا يضيع الأجر فيها تحت رهبة السيف وجور السلطان فهي فيما دون ذلك أولى وأوجب([3]).
كما أن القرآن الكريم في إطار حفظه لهذه الحرية قد دعانا إلى عدم مصادرة حرية الكلام من الآخرين فقال تعالى: "وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ*" ([4]) لأن الجدال بغير التي هي أحسن فيه إجبار وضغط على الغير ومصادرة لحريته في الكلام.
وفي إطار تهذيب حرية الكلام يقول تعالى: "ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" ([5]). وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً*" ([6]).
وأوضح دليل على كفالة الإسلام لحرية إبداء الرأي قوله تعالى: "قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِير*ٌ"([7]). حيث جادلت هذه المرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم في إطار عرضها لقضيتها، وسرعة تجاوب الوحي معها باهتمام وإيجابية واحترم جدالها عن قضيتها.
([1]) محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1990م، ج4 ص551.
([2]) سليمان بن الأشعث، سنن أبي داؤود، دار السلام للنشر، الرياض، حديث رقم (4842)، ط1، 1999م.
([3]) أحمد شوقي الفنجري ، الحرية السياسية في الإسلام، دار القلم، الكويت، ط1، 1970م، ص69.
([4]) سورة العنكبوت، الآية 46.
([5]) سورة آل عمران، الآية 53.
([6]) سورة الأحزاب، الآية 70.
([7]) سورة المجادلة، الآية 1.
التسميات
حرية